يتم إلا بقران الرجل بمن توافقه طبيعة ومزاجاً وأخلاقاً ولذلك أرى أن تسعى في استرضاء خاطر شهيرة إذا كانت فيها هذه الشروط وترضى بما قسم لك ربك وتربي ابنك كما تشاء لتجعله خير الخلف من بعدك عساه يكون لك ذخراً وسنداً.
- أنا وحقك معترف بما أتيت به من الحقائق ومن الأسف أنه لم يتيسر لي الاقتران بمن توافقني وتكون جامعة لشروطك ولو أسعفني الحظ وتزوجت منك لسعدت وما أتاحت لي الأيام أن أقع في المهالك والأخطار.
- قضي الأمر وكان بودي أن أكون قرينة لك ولكنك عجلت فأخطأت وحرمت نفسك مني وحرمتني بعملك من التأهل بغيرك لأني وعدتك بان لا أرضى بسواك ومن شيمي وطبعي الثبات على وعدي فلهذا لا أقرن بأحد وسأعيش عانساً متبتلة وبحكم القضاء راضية
فلما سمع سعيد هذه العبارة احمر وجهه وأطرق خجلاً وود الموت ليخلص مما عراه من الخجل أمام من فاقته بمكارم أخلاقها واستولى عليه السكوت وانقطع عن الحركة.
فلما أدركت خجله قالت لا تستحي فإنك لست أول رجل خان الجنس اللطيف بوعده فمهما كان الرجل عاقلاً رقيق الشعور كريم العواطف والأخلاق لا يزال في عتو بدعوى التفوق على النساء ولا يعد الخطأ أمامهن إلا من قبيل السهو والنسيان الملازمين للبشر ولكن كن على ثقة من أنه سيجيء يومٌ ترتقي فيه الهيئة البشرية وتعلم منزلة المرأة وواجبات الرجال نحوها فتحفظ حقوقها فتصبح معززةً مكرمةً ولا يجسر أحد حينئذ على خيانتها لأن عمله يعد سقوطاً في الأخلاق، وأرجو منك أيها الصديق أن لا يشق عليك كلامي وما لك إلا الإذعان والاعتراف بالذنب لأني صاحبة الحق. وأما أنا فإني أسلمت أمري لخالقي الذي جعلني بائسة محرومة من شرف السعادة الحقيقية.
فعند ذلك قام وعبرات الأسى تنهمل من عينيه على خديه وأخذ يقبل يديها ويقول: ها أنا ذا أكرر اعترافي بذنبي عني والعفو من شيمك ولا تزيديني هماً وخجلاً فوق كدري، وارحمي شبابي لئلا يسوقني هذا العذاب إلى الانتحار.
فضحكت وقالت: أرجو أن تجلس في مكانك. أتدري سبب ضحكي؟ قال: لا. فقالت لأني قرأت من الروايات وأخبار العشاق ما لم أتذكر عدده وقد ثبت لدي أن الرجال يستعطفون النساء ويستميلونهن بدعوى الانتحار فلا يصدق دعواهم إلا اللواتي حرمهن الخالق من