به وأخذت تعاتبه قائلة: لم يخطر ببالي أنك ستخون عهدي لأني لم أعهد فيك إلا الوفاء والثبات ومكارم الأخلاق فما الذي حملك مع على الخيانة؟
- نعم خنت عهدك على أن مكانك لا يزال محفوظاً في قلبي ولكن علمي بمنزلتي وعدم إمكاني القران بك واحتياجي إلى تدبير أمر معاشي وتنظيم حياتي ساقاني إلى ذلك الزواج المشؤوم لازداد شقاءً على شقاءٍ وأنال جزاء خيانتي لعهدك وكان ينبغي أن أبقى على الوفاء ولو عشت العمر كله في حرمان.
فضحكت جميلة ثم قالت: هب أني لم أشك بما أعهده فيك وأنك لا تزال على عهدك القديم فما الذي ساقك إلى الزواج مرةً أخرى وأنت على علم من حبي لك ووجودي في بيروت؟
- لم أقصد من ذلك إلا تعذيب زوجتي والانتقام منها لأني أعلم أن أعظم ما يجازى به النساء الزواج عليهن ولو كانت الواحدة منهن مطلقةً وعلى عصمة زوج آخر.
- وهذا هو العجب العجاب! فكيف يليق بمنوّر الفكر مثلك عرف بمكارم الأخلاق أن يتنازل للانتقام؟ أنسيت أن الرجال لا ينتقمون عند المقدرة؟
- لا أنكر أن الانتقام نقيصة في الرجال ولكن إذا كان الذي لا تنتقم منه يعد عدم انتقامك جبناً ويزيد في طغيانه فهل يعامل إلا بالانتقام؟ {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} ودفع الشر بالشر أحزم، واللئام لا يعاملون بغير الانتقام.
- هب إني سلمت لك بأن الانتقام من هؤلاء الأنذال واجب عليك وإذا لم تفعل تلام فقل لي بأبيك ألا تأمل إرجاع امرأتك؟
- لا أخفي عنك أنني ربما رضيت بها إذا رجعت عن غيها وعلمت أن لا خلاص لها مني وأصلحت نفسها وماتت أمها كل هذا إذا كنت في يأسٍ منك.
- فأنت إذاً عازم على الانتقام منها بزواج امرأة أخرى؟ ألا تصبح إذا رجعت إليك ذا الزوجتين؟ فكيف تتصور لك راحة أو هناء بين زوجتين وأنت على علم بأن من يتزوج امرأتين يشتري عذابه بيده فينغص تنغيصاً لا نهاية له ويلقي بنفسه في الغم والهم، وإذا طلقت الثانية لترجع إلى الأولى فيكون عملك مما يشين العقلاء لأن النساء لسن كما يقول بعض الجهلاء كالحذاء متى ما مللت منه تنزعه من رجلك!. وتذكر ما كتبته إحدى منذ حين من أن رجلاً رأى في منامه أن حذاءه سقط في النهر فراجع كتب تفسير الأحلام فلم