مجله المقتبس (صفحة 6756)

مستقلة لا يشاكل فيها غيره فنحصر نظر البحث الآن في القطر السوري ونقول أن حياة العائلي في أوربا تكاد تنحصر في ثلاث طبقات: الأولى الكبار والثانية الأوساط والثالثة الصغار أعني العوام أما عندنا نحن فلا تجد غير طبقتين بوجه عام. وأما في سوريا فقد أرانا البحث بأن الأقسام ثلاث في جهات عديدة تقليداً لأوربا وحينئذ يلزمنا أن ندع الطبقة الأولى ونبحث في الاثنتين ونتخير لهما أصولاً معتدلة فنقول: يجب الاعتناء التام في تربية الصغار على عدم الإفراط في الحرية لتزداد حريتهم تدرجياً بتقدم أعمارهم وبرعاية هذه القاعدة لا ينشأ الصبي وقحاً بل فطناً نير الفكر نعم يجب توقي هذا الشرط في كل محيط يقل فيه سلطان التربية أما في الأسر الكاملة التربية الاجتماعية فيمكن حضور الصغار في مجالس الكبار غالباً بشرط أن تكون تلك المجالس مما يستفيد منه الصغار ولو بعض الاستفادة بحيث يدور حديث تلك المجالس حول مسائل جدية مفيدة وأن يجارب الصغار الحاضرون بصفة مستمعين في هذه المجالس على أسئلتهم البسيطة ويوضح ما غمض على أذهانهم فإن هذا لا يخلو من الفائدة أن الألعاب التي تعطى أطفال الأوربيين النابتين في الأوساط المتمدنة مختلفة في أصولها فيعطى فيها الطفل مثلاً سيارة (اوتوموبيل) صغيرة جداً من وسائط النقل ويشرح لها من مخترعها وما هي وتاريخ اختراعها والبلاد والمعمل الذي صنعت فيه ويذكر له فوائدها ويحلل له تراكيبها كل ذلك بدروس موجزة تلائم ذوقه حتى إذا تعلم الطفل هذا الدرس 11ذهنه بحركة عقله فيخطو خطوة نحو الترقي ثم يناولونه محراثاً ذا عجلات وآلة تذرية مثلاً من الآلات الزراعية ويكن بقياس صغير أيضاً ويشرحون له ما يتعلق بتينك على الآلتين على حسب ما تقدم وفي أثناء الحديث يستطردون إلى بيان ما للآلتين من العلاقة بزراعية المملكة ويزيدونه شرحاً كلما أنسوا فيه رشداً وذكاء ثم يناولونه راية أمته وبلاده مثلاً وبينما هو يلعب بها يفهمونه ما لها من الموقع العظيم في أفئدة الشعب وكيف يلتفون حولها ويدافعون عن حمى بلادهم متحدين منضوين تحت ظلها وما لهم من عظيم السعي لنيل هذه الأمنية وما للعلم والمعرفة من ترقية الأمة في سلم التمدن ومعارج الترقي والكمال كل ذلك بطريقة بسيطة جداً أشبه بالهزل منها بالجد فيحب الطفل هذه الألعاب بطبيعته ويأنس بها ويسعى في حفظها وتعليق الفوائد الخاصة بكل واحدة منها فينشأ على هذه الصورة نير الفكر ثاقب الذهن أما الصغير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015