يقين بأن القراء الكرام سيضحكون من هذا القياس الذي سأوضحه هنا لنلاحظ اللعب التي يتسلى بها الأطفال الأوربيون كتب مصورة ضخمة ومجلدة على أحسن حالة لئلا تتمزق بسرعة أدوات زراعية صغيرة الحجم جداً ووسائط نقلية أيضاً من الحجم الصغير وحيوانات متنوعة مصنوعة من الخشب ثم أعلام وعلائم وشعائر كثيرة الخ.
أما اللعب التي أعتدنا أن نقدمها هنا لأطفالنا فهي على الأكثر عبارة عن قطعة خشب صغيرة جعلت لإزعاج سامعيها بصوت دورانها على محورها يعبر عنها في البلاد التركية بثرثرة العجوز ودف صغير وحربة صغيرة ومظلة من ورق وطبل وزمر الخ. وما أظنني مبالغاً فيما قلته بهذا الصدد وأنه ليلذ لي كثيراً تدقيق هذه التوافه وتتبعها فلذلك أقول أن هذه السطور هي نتيجة أبحاثي الدقيقة فلا يمكن أن يكون فيها مبالغة أو زيادة.
تربية الصغار بين الكبار
حينما يأخذ الصغار يستفيدون من محيطهم وتمييز ما يرونه ويشعرون به يجب أن يقضوا معظم أوقاتهم مع الكبار أكثر من أترابهم ونعني بالكبار أفراد العائلة الذين هم منه ولا تزال مسألة حضور الصغار مع الكبار محل الخلاف في محيطنا فبعضهم يرى أن تكلم الصغار في مجالس الكبار ناشئ من عدم التربية ويمنع الصغار من كلام الكبار والتكلم في مجالسهم وأن يظلوا وقوفاً في مجالسهم ولا يجلسوا ويقتصرون على النظر أمامهم إلى غير ذلك وبعضهم يرى عكس هذا ويوصي بمنح الصغار الحرية التامة وباختلاطهم دائماً بالكبار كي يستفيدوا من مجتمعاتهم ويحث على اندماجهم في جمعياتهم وقبولهم فيها وهناك فريق من المتخصصين لهم آراء متباينة في هذه المسألة فنحن نصرف النظر عن الجميع ونفكر فيما يقتضيه محيطنا فنرى العلم لم يرتقي فيه الشعب إلى مستوى متقارب كما هو معلوم بالبداهة وبذلك يجب أن لا نتمسك بأقوال أحد الفريقين في هاته المسألة بصورة مطلقة بل لا بد لنا من التوقي من الإفراط وملازمة الاعتدال فكما شاهدنا الصغار شديدي الوقاحة فيما إذا بش في وجوههم أكثر من اللازم نرى الصغير من فرط العبوس في وجهه ينشأ شديد الخجل كثير السكوت إلى درجة مذمومة ولذلك نرجح أن تربي كل عائلة وبتعبير أصح كل والدين أولادهما حسب تربيتهما الاجتماعية والمسألة المعضلة هنا هي معرفة التربية الاجتماعية لكل عائلة حتى ينتقي منها الأحسن لأن لكل محل من بلادنا أصولاً في التربية