وما زلت أجني منك والدهر ممحلٌ ... ولا ثمرٌ يجنى ولا الزرع يحصد
ثمار ايادٍ دانيات قطوفها ... لأغصانها ظلٌ عليّ ممدّد
يرى جارياً ماء المكارم تحتها ... وأطيار شكري فوقهنّ تغرد
فأرتاح المعتصم وقال: أأنت أنشدتني هذا؟ قال: نعم. قال: والله كأنها ما مرّت بسمعي إلى الآن. صدقت للسعد هبات. ونحن نجيزك عليها بجائزتين. الأولى لها. زالثانية لمطل راجيها. وغمط إحسانها (اه)
و (من ذلك) أن أعربياً دخل على ثعلب وقال: أنت الذي تزعم أنك أعلم الناس بالأدب. فقال. كذا يزعمون فقال أنشدني أرق بيت قالته العرب سلسلة فقال: قول جرير
إن العيون التي في طرفها حورٌ ... قتلننا ثم لم يحين قتلانا
يصر عن ذا اللب حتى لا حراك به ... وهنّ أضعف خلق الله أنسانا
فقال: هذا الشعر غث رث قد لاكته للسفلة بألسنتها. هات غيره فقال ثعلب: أفدنا من عندك يا أعرابي. قال: قول سلم بن الوليد صريع الغواني:
نبارز أبطال الوغى فنبيدهم ... ويقتلنا في السلم لحظ الكراعب
وليس سهام الحرب تفني نفوسنا ... ولكن سهامٌ فوّقت بالحواجب
فقال ثعلب لأصحابه: أكتبوها على الحناجر ولو بالخناجر
(ومن ذلك) قول الشاعر المخزومي:
العيب في الخامل المغمور مغمور ... وعيب ذي الشرف المذكور مذكور
كفوفة الظفر تخفى من حقارتها ... ومثلهافي سواد العين مشهور
فقال آخر بمعناه:
قد تخفض الرجل الرفيع دقيقةٌ ... في السهو فيها للوضيع معاذر
فكبائر الرجل الصغير صغائر ... وصغائر الرجل الكبير كبائر
وقال الخفاجي:
كم من عيوبٍ لفتىً عدّها ... سواه زيناً حسن الصنع
فتكتهُ الياقوت مذمومةٌ ... وهي التي تحمد في الجزع
وربما جاء الشاعر بمعنيين أحدهما يفضل الآخر كثيراً كقول بشار بن برد: