قلنا:
ولأين الأقاح قال لنا: ... أودعته ثغر من سقى القدحا
فظلّ ساقي الدام يجحد ما ... قال فلما تبسم أفتضحا
وقال أيضاً:
أديرها على الروض الندى ... وحكم الصبح في الظلماء ماض
وكاس الراح تنظر عن حبابٍ ... ينوب لنا عن الحدق المراض
وما غربت نجوم الأفق لكن ... نقلن من السماء إلى الرياض
وقال أيضاً:
ورياض من الشقائق أضحت ... يتهادى لها نسيم الرياح
زرتها والغمام يجلد منها ... زهرات تروق لون الراح
قلت: ما ذنبها فقال مجيباً: ... سرقت حمرة الخدود الملاح
قال المقري: فانظر كيف زاحم بهذا الأختيال المخترعينوكيف سابق بهذا اللفظ المبتدعين أ. هـ وسمع بعضهم قول القائل:
فلا تحقرنّ عدواً رماك ... وإن كان في ساعديه قصر
فإن السيوف تحزّ الرقاب ... وتعجز عما تنال الإبر
فقال: هذا حسن جيد. ولكن قول القسطليّ أفضل. وهو:
أثرني لكشف الخطب والخطب مشكلٌ ... وكلني لليث الغاب وهو هصور
فقد تخفض الأسماء وهي سواكنٌ ... ويعمل في الفعل الصريح ضمير
وتنبو الرّدينيات والطول وافرٌ ... ويبعد وقع السهم وهو قصير
ومن ذلك أن عمر بن الشهيد أنشد المعتصم من قصيدة قوله:
سبط البنان كأن كلّ غمامةٍ ... قد ركبت في راحتيه أناملا
لا عيش إلاّ حيث كنت وإنما ... تمضي ليالي العمر بعدك باطلا
فالتفت المعتصم إلى من حضر من الشعراء وقال لهم: هل فيكم من يحسن أن يخلب العقول بمثل هذا؟. فقال أبو جعفر الخرّازالبطوني: نعم. ولكن للسعادة هبات وقد أنشدت قبل هذا أبياتاً أقول منها: