انتبه الإنسان حينما بدأ يجمع الكتب منذ القديم إلى وضع قوائم أو فهارس أو برنامجات لتعريف الكتب بأسمائها وموضوعاتها وأسماء مؤلفيها ومختصر تراجمهم ووصفها وما يتعلق بذلك من الشؤون اللازمة لتميزها وتعريفها. ولقد وضعت الفهارس المشهورة في مجلدات كثيرة ضخمة الجوانح الطبيعية فنالها ما نال غيرها من الكتب من السبي والنهب والحرق والإغراق في المياه والتمزيق ونحو ذلك ففقدت تلك الفهارس أو القوائم وفقد معها تعريف المكاتب ومحتوياتها مثل مكاتب العجم والعرب في العراق والشام ومكاتب مصر والمغرب والأندلس فاحتجنا إلى الطواف في البلدان والتقصي في البحث لنقف على شيء منها وهي أعز من الكبريت الأحمر لكن المطابع أظهرت لنا بعضها ومن أقدم القوائم ما وضع يمكاتب العباسيين في زمن الرشيد وولده المأمون كما يستفاد من كتاب (الفهرست) لابن النديم إذ أنه أعتمد على مثل هذه القوائم في وضع كتابه وهكذا نشأ فن وصف المؤلفات والمؤلفين بحسب كلف الأدباء بالمطالعة واقتناء الخزائن ومن أهم هذه المؤلفات في وصف الكتب ما وضع قبل عصر النهضة الحديثة وهو:
1 فهرست ابن النديم وهو المتوفى سنة 235هـ (849م) ويعرف بقمطر الكتب ولا تزال نسخه الكاملة نادرة حتى أن نصفه في مكتبة فينا (النمسا) والنصف الثاني في مكتبة الأمة في باريس (فرنسا) والظاهر أنه أول كتاب من نوعه أفرد لوصف الكتب وهو مجموع قوائم المكاتب التي عرفت في أيامه والكتب التي كانت موفودة لذلك العهد. وقلما نجد له ذكراً في الكتب التي بين أيدينا لقلة نسخه
2 فهرست ابن النديم لمؤلفه أبي الفرج محمد بن اسحق بن يعقوب النديم البغدادي الورّاق المتوفى نحو سنة 385هـ (995م) وقد بدأ بطبعه المستشرق الشهير فوسطاف فنرغل المتوفى سنة 1870م مع ملاحظات وتحقيقات فأعجلته المنية عن إتمامه فأنجزه بعده هرمان رودريغر وأوغست ملّو فطبع الكتاب سنة 1870م بالعربية في مدينة ليبسيك في 360 صفحة بقطع نصف كبير والحق به جزء ضخم في 279 صفحة ضمن التفاسير والتعاليق والاستدراكات بالعربية والنمسوية مختوماً بفهارس للإعلام طبع سنة 1872م وقد استدرك أحد المستشرقين على هذه الطبعة أول المقالة الخامسة صفحة 172 فنشرها في مجلة ألمانية سنة 1889م وهذا الفهرست هو من أهم وأقدم القوائم التي تعرف الكتب