المكرر يحلو
جاءنا من الأمير شكيب أرسلان ما يأتي: قد نقلتم عن (الشرق) مقالتي في صناعة السكر في الشرق واشتهار بلاد فلسطين بها وما ذكره ياقوت الحموي عن زراعة قصب السكر في غور بيسان وصناعته في تلك الأرجاء إلى غير ذلك.
وأزيدكم الآن برهاناً آخر وهو أنه وجدت في طرف أريحا الغربي آثار ثلاث معاصر للسكر مما يعزز هذه الحقيقة ويقوي الحجة على أهل زماننا هذا في إهمالهم زراعة السكر وعمله في بلاد كانت منذ مئات من السنين معدنة ومخزنة.
وأزيدكم أيضاً برهاناً آخر على عناية المسلمين بهذه الزراعة وتلك الصناعة وإن كان في جهة المغرب فالإسلام عالم واحد فأقول ورد في كتاب الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى عند ذكر المنصور السعدي واسطة عقد الملوك السعديين أصحاب فاس، مراكش أنه بنى قصر البديع المشهور في حاضرة مراكش وابتدأ ببنائه في شوال سنة ست وثمانين وتسعمئة واتصل العمل فيه إلى سنة 1. . 2 ولم يتخلد ذلك ألفترة، قال: وحشد له الصناع حتى من بلاد الإفرنجة فكان يجتمع كل يوم فيه من أرباب الصنائع ومهرة الحكماء خلقاً عظيم حتى كان ببابه سوق عظيم يقصده التجار ببضائعهم ونفائس أعلافهم وجلب له الرخام من بلاد الروم فكان يشتريه منهم بالسكر وزناً بوزن على ما قيل وكان المنصور قد اتخذ معاصر السكر ببلاد حاقة وشوشاوة وغيرهما حسبما ذكره الفشتالي رحمه الله في المناهل هذا وقد أدرك أهل سوريا الآن ما فرطوا من أمر عمل السكر وقصروا به عن أسلافهم وعرفوا ما فاتهم من الأرباح الطائلة بعدم وجود معمل واحد أومعملين للسكر في بلادهم في هذا العصر الحاضر الذي نشأ عن الحرب فضلاً عما اضطر بالأجسام من فقد السكر وغلاء الحلوى لأنه من المقرر أن الأمزجة تلتاث بانقطاعها عن الحلويات ولا شك أن الأمراض التي نشأت في هاتين العامين كان من جملة أسبابها قلة السكر وأجدر بهذه البلاد أن تنبهها الحرب العامة إلى استدراك فرطات كثيرة من جملتها هذه.
الحرب ومنسوب المياه
كتب أحد مهندسي برلين في عام 1897 كتاباً سماه أدوار الحرب والاجتهاد العقلي في حياة