الشعوب البلقانية التعسة لو صحت عزائم ممالك أوربا الكبرى الحامية لها على التخلي عن المنافسة بينهن في تسليحهم وحصروا منافستهن في إنشاء طرق لتلك الشعوب وأعمال صناعية وفنية وسكك حديدية ونهرية ومدارس ومتاحف ومعامل كيماوية ومستشفيات.
ليست الشعوب البلقانية هي المجرمة الحقيقية في سلسلة هذه المصائب والقتل والغرق والحريق والذبح والفظائع بل ولا الحكومات الأوربية بل المجرمون الحقيقيون هم الذين يخدعون الرأي العام ويستفيدون من جهله لينادوا بالويل والثبور وعظائم الأمور ويحمسوا ويهيجوا ويحملوا بلادهم على بغض البلاد الأخرى بل كل البلاد على التباغض بعضاً لبعض. المجرمون الحقيقيون هم الذين يعلنون كل يوم مدفوعين بعامل المصلحة أو المزاج الحرب التي لامتصاص منها وتنتهي بهم الحال إلى إعلانهم بحجة إنهم يئسوا من التحذير منها. المجرمون الحقيقيون هم الذين يفادون بالمصلحة العامة لأجل منافعهم الشخصية الذين يتبعون لبلادهم سياسة خرقاء سداها المشاكل ولحمتها الانتقام في حين لا ينفع الصغار كما لا ينفع الكبار إلا السلام والوئام وفيهما النجاة والحياة ليس إلا.
هذا ما قراناه في الصحيفة الباريزية وقد رأينا أن نشفعه بما كتبه مجلة لاروس مانسويل في أسباب الحرب البلقانية ونتائجها من سنة 1912 - 1914 قالت: أن الحربين الشرقيين من سنة 1912 - 1913 والأولى بين الدولة العثمانية وممالك البلقان المسيحية المتحالفة والثانية بين هذه الممالك هي افجع الحوادث التي يسطرها تاريخ المسألة الشرقية بعد معاهدة برلين (1787) فوفق شعوب البلقان بعد جهاد أربعة قرون كانوا مظلومين في خلالها إلى أن خطوا هذه الخطوة الواسعة فلم يبقوا للعثمانية إلا الطرف الشرقي من شبه جزيرة البلقان والى توسيع مصورات هذه الممالك المسيحية لتنمية عناصرها وانتشارها. بيد أن غلبة الممالك المسيحية التي تمت بدون معاونة الممالك العظمى وأحياناً على الرغم منها يعدل في مسلك هذه الممالك الكبرى في الشرق فيقضي على أطماعها أراض جديدة منه بدل يؤثر تأثيراً كبيراً في أطماعها الاقتصادية أيضاً وثبت أن الدول الست لم تعد تفلح في حمل شبه جزيرة البلقان على العمل بما تراه الشعوب البلقانية أدركت سر قوتها وغناها فعدل الشعوب البلقانية بأنفسهم سياسة البلقان وتزعزع المبدأ الذي سارت أوربا عليه في دعوى سلامة المملكة العثمانية فصارت أوربا تود أن تكون الأستانة حرة وقسمت الأصقاع