مجله المقتبس (صفحة 5769)

المال والمجد القديم وتنكب عن الرفاهية منذ صغره فدرس في كلية رومية الآداب وأتقن من اللغات الايطالية والفرنسية والانكليزية والألمانية واللاتينية والفارسية والعربية.

ولما أحرز حظاً وافراً من العلم والآداب سمت به همته وهو قبيل الخامسة والعشرين أي منذ زهاء عشرين سنة أن يضع لأمته كتابا في التاريخ الإسلامي بلغتها يغنيها عن أكثر الكتب ويرفع كثيراً من المشاكل في تاريخ العرب الذي أدهش العالم. فجمع لذلك مكتبة ضخمة باللغة العربية وغيرها من اللغات واستنسخ واخذ بالتصوير الشمسي كل ما عرف من تاريخ العرب من المخطوطات وكان مبعثرا في مكاتب أوروبا وغيرها فجاءت مكتبته خير مكتبة في الشرق والغرب في موضوع التاريخ الإسلامي خاصة ومن رآها فكأنما زار مكاتب الغرب للبحث عن آثار العرب ومدنيتهم.

ولقد نشر حتى الآن من تاريخه ستة مجلدات ضخمة ولم ينجز بها أكثر من عشرين سنة من تاريخ الإسلام وهو يرجو أن يفسح الله في أجله عشرين سنة أخرى ليكمل القرن الأول من الإسلام فيقع في خمسة وعشرين مجلداً ولا يطبع من تاريخه أكثر من مائتين وخمسين نسخة يوزعها على المجامع العلمية في بلاده والغرب وعلى بعض أصحابه من العلماء فقط وقد جعل سعاره فيها فيقول الشاعر العربي:

كفاف عيش كفاني ذل مسألة ... وخدمة العلم حتى ينقضي عمري

يقول كفاف عيش وثروته وثروة أبيه فيما بلغني تقدر بمائة مليون فرنك فرنسي دع ثروة حليلته الأميرة وهي غنية أيضا ولهم المزارع الواسعة في ضواحي رومية إذا استثمرت حق الاستثمار على احدث الطرق تزيد ثروتهم أضعافاً في ضواحي رومية والأمير مع هذا تفرغ إلى العمل في مزارعه ويتعهدها كما يتعهد رياض العلم كل يوم ويصرف على إتقان عمله الذي صرف شبابه وهو يصرف الآن فيه سن الكهولة وسيصرف فيه أيضا سن الشيخوخة بحول الله شطرا ليس بقليل من المال فعنده ثلاثة مترجمين من اللغات المختلفة ينظر فيما يترجمون لكتابه من المواد ما عدا ما ينفقه في الكتب وطبع كتابه ولكن كل ما ينفقه في سنة لا يعادل ما ينفقه غني واحد من فساق أغنياء الأمريكان أو الروس مثلا في ليلة واحدة في باريس أو مونت كارلو فسبحان من أودع في كل قلب ما شغله.

طاف الأمير كثيراً من بلاد الشرق ولا سيما الهند وفارس والشام ومصر ودرس أحوالها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015