الروسية والرومانية والبلغارية والصربية متشابهة لأنها من أصل سلافي.
ومع أن جليسك تنقبض نفسه منك في العادة إذا لم تكن لك معه لغة مشتركة لا تجد فيها تسمعه في المحال العامة ودور التمثيل والموسيقى هنا ثقلا على سمعك من لغة الطليان وان كنت لا تفهمها بل تبلغ نبراتها صماخ أذنك كأنها أوتار موسيقار تتكلم ألحانها أكثر من ألفاظها. ولا عجب فإيطاليا مهد الصناعات النفسية بل هي بلاد الموسيقى والشعر والتصوير والبناء عرفت بذلك منذ أوائل عهد الإسلام وباعت على الغرب بل وعلى الشرق من موسيقاها وشعرها وتصويرها وهندستها وهي بلاد النهضة منها نشأت وانتقلت إلى فرنسا وأوروبا كلها وطليان الجنوب يشبهون السوريين في كثير من عاداتهم وملامح سحناتهم وكلما تقدمت نحو الشمال تزيد المدنية ويفخم العمران.
وعلى ذكر الجنوب والشمال لا بأس بان يعرف القارئ ان البلاد الأوروبية كلما قربت من سمت الشمال كانت اقرب في الجملة إلى الأخذ بأسباب الرقي والحضارة. وهذا مشاهد محسوس. فنك تجد شمال ايطاليا أرقى وأعمر من جنوبها وكذلك فرنسا بل ان ألمانيا في جنوبها أحط منها في شمالها وهو سر غريب من أسرار هذا الكون ولعل الباحثين في طبائع الأقاليم بحسب القرب والبعد من خط الاستواء لا يعدمون تعليلا لذلك. أما رومية فهي مجموعة بدائع الطليان ولا جدال لأنها معدودة من أواسط ايطاليا على ما سنذكره.
الأمير كايتاني
كان الأغنياء والأمراء في الغرب قبل ان تتقرر قواعد المدنية الحديثة وترسخ أصولها يدلون على شعوبهم بحكم التغلب وقوة المال وأرجحية القدم. أما الآن فان أمثال هذه الطبقة أدركت ان كل تلك الامتيازات والاعتبارات قد ألغتها القوانين الدستورية في الأمم الحرة النيابية فلم يبقى من أسباب الفخر إلا شخصية المرء وعلمه معمله ولذلك لا تسمح بأمثال هؤلاء الناس إلا إذا أتوا عملا ينفع المجتمع ويخدم الحضارة أو يرقيها درجة أخرى.
وممن جمع فضيلتي المجد القديم والمجد الحديث فعد عصامياً عظامياً الأمير ليوني كايتاني من كبار الأسر القديمة في رومية التي يرد تاريخها إلى زهاء ألف سنة ومنها خرج رجال خدموا أمتهم على اختلاف العصور والمنازع فكان الباباوات ورؤساء الدين والقواد والحكام ولقد سار سليل هذا البيت على سنة كثير من أمراء الغرب فلم تبطره الزخارف ولم يستهوه