أديانهم وكل منها بذلت في سبيل الناطقين بلغتها أموالاً طائلة وعلمت تاريخا وأمجادها وأنسابها حتى انك لتجد في مناستر تاجراً ولد ألبانياً ثم تبلغراي صار بلغارياً ثم يونانياً أما الآن فهو روماني وهذا من أضحك ما سمع في التبدل. ومن خان لغة أبيه وأمه كان بالطبع خائناً للغة التي يتعلمها أيضاً ويدعي الانتساب لأهلها زوراً.
بقول كاتب الإفرنج أن الدولة العلية لم تقم بالإصلاحات التي تقررت في الولايات المقدونية ولو وفت بالوعود لما فتح سبيل لتلك الدويلات أن تطالب بشيء للبلاد المجاورة لها ولما قامت يونان تقول أن لغتها ومدنيتها هي الحاكمة المتحكمة في مقدونيا منذ عرف التاريخ ولا ادعت الصرب ولا بلغاريا ولا رومانيا مثل هذه الدعوى ولكن الموظفين العثمانيين إذا تركوا وشأنهم يهملون إصلاح حالة البلاد ونحن ما قاله صديقنا لطفي فكري بك لو قمنا من أنفسنا بالإصلاحات في الروم إيلي وطبقنا القانون الذي كنا سنناه لننفذه في أرجائها لما احتجنا إلى من يحثنا عَلَى ما يجب علينا القيام به من تلقاء أنفسنا ولكن أمراض الشرق كثيرة ومرض الإهمال أحد تلك الأدواء القتالة.
ولقد انتهت الحال سنة 1902 في مقدونية عقيب حدوث حوادث مزعجة أن بعث الباب العالي مفتشاً عَلَى الولايات الثلاث وتألفت لجنة مختلطة من خمس دول لإصلاح مالية هذه الولايات وحي بضباط إيطاليين وفرنسويين وألمان وروس وإنكليز لإصلاح سلك الجندرمة الذي طالما جلب الولايات بخلله عَلَى البلاد العثمانية فدرست اللجنة المالي الولايات الثلاث فإذا ميزانيتها سنة 1906 تبلغ 2. 680. 050 ليرة عثمانية يصرف منها 1. 480. 080 عَلَى الجندية ويصيبها 354 ألف ليرة من ديوان الدولة فلم تقدر اللجنة أن تعدل شيئاً من النفقات الحربية ونظرت في ميزانية الملكية وهي 822 ألفاً فتعذر عَلَى الدول أن يطالبن حكومتنا بتطبيق الإصلاحات العمرانية وكان من ذلك تساهل معتمديها في قبولهن زيادتنا ثلاثة في المئة عَلَى الرسوم الجمركية ولإنكلترا ستون في المئة من مجموع ما يرد للسلطنة العثمانية من الواردات فنالت بريطانيا وغيرها من الدول ذات الشأن امتيازات وتمديد مهلات ومنحت حقوقاً أخرى علاوة عَلَى مالها في الأرض العثمانية.
تمكنت الحكومة العثمانية بعد سنة 1904 من كبح جماع العصابات لأن كثيراً من رؤسائها ولاسيما البلغارية منها هلكوا في أيدي جنودنا. وهنا جيب أن يعرف أن سواد البلغاريين في