بها إلى مدارج اللامركزية الإدارية كان معرضاً للإخفاق وكذلك الإصلاح السياسي والاجتماعي يؤدي إلى فشل تام أما إلغاء الإنكشارية والإصلاح العسكري في السلطنة فقد تكللا بالنجاح بحيث أن الدولة العثمانية بعد انقلابها في قبول التجدد أصبحت أشد إسلاماً مما كانت بل أقرب إلى الآسياوية بل أقوى من حيث الجندية مما كانت.
ولشد ما بذلت إنكلترا من الجهد بعد ولاسيما في الحرب الروسية العثمانية للدفاع عن مصلحة العثمانيين لأن في الدفاع عنها مصلحة لها تريد سلامتنا ليسلم لها طريق الهند بقوتنا وروسيا تريد أن يكون الخليجان (جناق قلعة وخليج الآستانة) حرين للتجارة البحرية ولبسط سلطانها لتحرير الشعوب السلافية ولكن إنكلترا علبت عَلَى أمرها ونجحت سياسة بطرسبرج وبرلين وفينا وكانت متفقة يداً واحدة عَلَى تحرير شعوب البلقان الشمالية واحتلال النمسا للبوسنة والهرسك واقتطاع روسيا لبعض ممتلكاتنا مثل باطوم والقرص وأردهان من أرمينية واحتلت إنكلترا جزيرة قبرص لتكون مشرفة عَلَى طريق أرمينية وآسيا الصغرى وسورية لئلا تداهم جيوش روسيا ذات يوم طريق الهند من طريق الخليج الفارسي أو من الإسكندرونة أو من سورية فخرجت إنكلترا ظافرة بحسن سياستها فنالت روسيا منا ونالت هي من روسيا ومنا ولله ما يفعل العقل والتوفيق السياسي.
ولقد تجلى في مؤتمر باريز وكان البرنس بسمارك رأسه ورئيس سلطان الدهاء في السياسة فتلطف الوزير الألماني في مراعاة حقوق النمسا وروسيا وحكومات البلقان كل التلطف فهو بدفعه النمسا إلى التقدم نحو سلانيك يخدم الأمة الجرمانية لأن تزايد السكان في ألمانيا سيضطرها ذات يوم لأنه يكون لها منفذ خاص مثل سلانيك نحو البحر المتوسط إن لم يكن في يدها مباشرة فلا أقل من أن يكون في يد النمسا وأغلق في روسيا طريق الآستانة عن سكة رومانيا وأصبحت رومانيا صديقة الألمان وعدوة الروس لأن هؤلاء اضطروها إلى إخلاء إقليم بسرابيا لقاء دبروجيه وكان من نتائج مؤتمر برلين أن أخفقت آمال الروس من البلقان بعد حربها معنا ونالت حقوقاً ضعيفة فمن مؤتمر برلين نشأ التحالف الثلاثي بين النمسا وألمانيا وإيطاليا والوفاق بين روسيا وفرنسا وكان من دهاء إنكلترا أن أشركت ألمانيا في الدفاع عن مصالح الشرق من اعتداء روسيا فتمكنت في مؤتمر برلين بإبعاد القوة المسكوبية عن ترعة السويس وطرق الهند وأن قربت منها ألمانيا. والحقيقة أن ألمانيا قد