مجله المقتبس (صفحة 5485)

الدول الأوربية ذات مصلحة لمن يريد أن يتحرر من الحكم العثماني قال رينه بينون في كتابه أوربا والمملكة العثمانية وعليه أكثر اعتمادي فيما سيمر يكم: إن الأمم في أوربا الغربية بما لها من القوة تعارض المشارع العظيمة فلم يبق إلا الشرق حيث الخميرة لينة والحدود تكاد تكون غير معينة حيث شبه جزيرة البلقان ولاسيما آسيا العثمانية فهي ميدان جديد للتوسع الاقتصادي والنفوذ السياسي وإلى تلك الأصقاع توجه الدول العظمى أطماعها ومنافساتها.

ثم أن المملكة العثمانية هي الحاكمة الشرعية عَلَى تلك المواقع الحربية المشرفة عَلَى الطرق العظمى في الأرض تلك الطرق التي هي شرط في كل تغلب بحري وفي كل تفوق عالمي وهي البوسفور والدردنيل والسويس فجميع طرق الهند تجتاز البحار العثمانية أو الأرض العثمانية ولذلك دارت جميع المحالفات الكبرى والوفاقات الأوربية منذ زهاء قرن حول المسألة الشرقية وبأسبابها تنحل تلك العقود والمواثيق.

فسياسة أوربا ترجع بالنظر إلى الدولة العلية ومستقبلها إلى مبدأين متعارضين أحدهما يؤدي إلى التدخل في شؤونها والآخر يرمي إلى سلامتها. فالمبدأ الأول منبعث من تأثيرات دينية أو فلسفية أو إنسانية كما يدعون وعلى ضروب من الأشكال ومنه حدثت في القديم الحروب الصليبية. وقد اخرجت أوربا الدين من السياسة فلم تفلح في القضاء عَلَى العواطف المستكنة في حنايا التضامن المطلوب بين الشعوب المسيحية أمام غير المسيحية وكثيراً ما بدت في التاريخ الحديث آثار هذا التضامن وزاد عليها بعد الثورة الفرنسوية مبدأ حقوق الشعوب وحقوق الإنسان فأصبحت حجة يتوكأ عليها أرباب الأحزاب الحرة أو الثورية في الغرب وبها يستعينون عَلَى دك عروش الظالمين الذين عدونا نحن في جملتهم معاشر العثمانيين عَلَى غير إنصاف.

ومن نتيجة مبدأ التدخل طرد العثمانيون من جميع البلاد التي لا يؤلف المسلمون فيها أمثرية السكان وتحرير جميع الشعوب المضطهدة. يريدون بالشعوب المضطهدة الشعوب البلقانية وغيرها وتدخل الدولات في شؤوننا نحن المعدودين في مصاف الدول الأوربية العظمى ولكن عَلَى طريقة فيها الغبن الفاحش علينا.

وكلما قمعنا ثورة أو اشتددنا في إرهاق من يريد الخروج عن الجماعة وهو حق لنا لو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015