ملك أخوه المنصور بنى عَلَى دجلة بغداد ويقال أن اسمها بك دار معناها دار العدل بالتركية كأنهم قالوا الحاكم العادل وسميت مدينة السلام لأنها يسلم فيها عَلَى الخلفاء ولأنها عَلَى نهر دجلة نهر السلام وفي تسميتها بغداد وبغذاد وبغداذ وكان ابتداء بنائها في سنة خمس وأربعين ومائة وتم بناؤها في سنة تسع وأربعين ثم ضاقت بالجند والرعية فبنى المهدي ولد المنصور مدينة تجاهها سماها الرصافة سنة إحدى وخمسين ولبغداد من المدن والبلاد صرصر وقصر ابن هبيرة مدينة بناها يزيد بن عمر بن هبيرة.
وإليك الآن شذرة قليلة مما عثرنا عليه بالعرض من مدن العرب وأمصارهم فمنها شيراز وهي مدينة إسلامية بناها محمد بن أبي القاسم الثقفي عَلَى أثر بناء قديم ومدينة قم كورها الرشيد وجعل لها اثنين وعشرين رستاقاً بنيت زمن الحجاج سنة ثلاث وثمانين وكان مكانها تسع قرى فجمعت وصارت محالاً وكان اسم إحدى القرى كميدان فأسقطوا بعض الحروف للإيجاز والاختصار وأبدلوا الكاف قافاً.
والمنصورية في الهند مدينة بنيت في صدر الإسلام وتسمى بالهندية تاميران كان موضعها غيضة يحيط بها خليج من نهر مهران. والحلة في العراق بناها سيد الدولة صدقة بن دبيس سنة خمس وأربعين وأرع مائة وتسمى الكوفة الصغرى لكثرة ما فيها من التشيع وأردوبل وتسمى أردبيل في بلاد أذربيجان ومصرت أيام الرشيد وإنما سميت باسم أردبيل بن أرميني ومراغة بناها محمد بن مروان بن الحكم وكانت قبل مراغة لدوابه فسميت بذلك ومرند بناها الأفشين عَلَى أثر بناءٍ قديم ومزيد بناها مراد بن الضحاك ومن بلاد أرمينية مدينة شكور وكانت مدينة قديمة أخربتها الصناوردية ثم جددها بغا سنة أربعين ومائتين وسماها المتوكلية. ومن مدن الجزيرة مدينة أذرمة بناها الحسن بن عمر بن الخطاب التغلبي. وبنى المنصور إلى جانب مدينة الرقة قصبة ديار مضر مدينة سماها الرافقة سنة خمس وسبعين فخربت الأولى وبقي الاسمان واقعين عَلَى مدينة واحدة ومنة مدن حضر موت في اليمن مدينة الشحر ولم تكن بمدينة وكان الناس ينزلون منه في أخصاص فبنى الملك المظفر صاحب اليمن مدينة به حصينة بعد سنة سبعين وتسعمائة. وكذلك بلاد المهرة ومصرها ظفار بناها أحمد بن محمد وسماها الأحمدية في سنة عشرين وستمائة.
وجدد قتيبة بن مسلم سمرقند وأحاط بها سوراً دوره سبعون ألف ذراع وذلك سبعة عشر