عهد الفتح الأميركي سنة 1492 ومع كل هذا فإن إسبانيا لم تغتن بما ورد عليها أكثر من جميع ممالك أوربا من الذهب ووقعت في ضائقة لا مثيل لها وأصبح جند فيليب الثاني بلا طعام ولا علوفات فيعيشون بالنهب والحاجيات غالية غلاءً فاحشاً أدى لوقوع الشكايات العامة.
فحددوا سعر الحنطة ومنعوا إصدار المصنوعات إلى أميركا كما منعوا إخراج الصوف فكان المعدنان الكريمان ينهالان عَلَى انفرس بواسطة صيارفة جنويين.
وما برح الاقتصاديون منذ بودين في القرن السابع عشر إلى لوك إلى مونتسكيو إلى دافيد هوم إلى جايمس ميل إلى نيكلسون وإضرابهم يقولون في ارتفاع أسعار الذهب والفضة آراء وإن اختلفت في ألفاظها فمآلها واحد فقد قال هوم: زيدوا البضائع تنزل قيمتها وزيدوا النقود ترتفع قيمتها. وقال الأستاذ نيكلسون: الذهب ريح التجارة ومد الصناعة وجزرها وكثرته وقلته يعلي أو يخفض الأسعار العامة كالريح أو الجزر يزيد أو يخفف سرعة البواخر.
وبعد فقد كان محصول الذهب مدة 358 سنة أي من سنة 1493 إلى 1850 4752000 كيلو قيمتها 16736 مليون فرنك ومحصول الفضة 149826000 كيلو ثمنها 40617 مليون فرنك وبلغ محصول الذهب من سنة 1851 إلى 1875 (16448) مليون فرنك أي أنه تضاعف وبلغ محصوله من سنة 1876 - 1910 (39) مليار فرنك أي أن مجموع محصوله في 35 سنة ساوى المجموع السابق كله وزاد عليه 18 في المئة وقد زاد محصول الذهب منذ اكتشف مناجمه في كاليفورنيا سنة 1849 وفي أوستراليا سنة 1850.
وزادت حركة الغنى في أوربا بعد سنة 1847 وقت المجاعة ثم وقفت وقوفاً مؤقتاً زمن الثورات التي حدثت من سنة 1848 إلى 1849 في بعض بلاد أوربا وبعد قبول إنكلترا لقانون حرية المقايضة فقبض الناس أيديهم وتعطلوا عن العمل ونهبت الأموال فلما زالت تلك الغشاوة عادت الحركة أكثر من قبل وكثر الطلب أكثر من العرض كما هي العادة في مثل هذه الأحوال بعد اشتداد النوازل وتكاثر الأهوال وكلما كان معدنوا الذهب في كاليفورنيا وأوستراليا يغرقون بما يستخرجونه منة هذا المعدن الكريم وهم في حاجة للمصنوعات والمأكولات كانت الحركة تزيد بين الأمم وتربح من ذلك البلاد الصناعية