القصور واسكن عنده ملوك اليمن الذين غلب عليهم وهزم بني طرف ملوك عثر وتهامة ومازال الأمر كذلك حتى استولى بنو أبي بركات عَلَى بني المظفر في شيح وحصونه ثم باع حصن ذي جبلة من الداعي الزريعي صاحب عدن بمائة ألف دينار ولم يزل يبيع معاقله حصناً حصناً حتى لم يبق له غير معقل تعز أخذه منه علي بن مهدي وبقي ملوك زبيد يخطبون للعباسيين والصليحيون يخطبون للعبيديين إلى أواخر المئة الخامسة والبلاد يتجاذبها ملوك حتى انقرض أمر آل نجاح سنة 554 وخلفهم غيرهم وبقي أمر اليمن في تقلقل والجبال لرجل وتهامة لآخر وعدن لغيرهم حتى جاء عبد النبي بن مهدي الخارجي من زبيد واستولى عَلَى اليمن أجمع وبه يومئذ خمس وعشرون دولة فاستولى عَلَى جميعها ولم يبق له سوى عدن ففرض عليها الجزية ولما دخل شمس الدولة تورانشاه بن أيوب أخو صلاح الدين سنة 566 واستولى عَلَى الدولة التي كانت باليمن ونزل زبيد واتخذها كرسياً لملكه ثم استوخمها وسار في الجبال ومعه الأطباء يتخير مكاناً صحيح الهواء يتخذ فيه سكناه فوقع اختيارهم عَلَى مكان تعز فاختلط به المدينة كما اختلط الصليحي سنة 458 حصن ذي جبلة ونزلها وبقيت كرسياً لملكه وبنيه ومواليهم بني رسول.
وذكر ابن سعيد أن اليمن تشتمل عَلَى سبعة كراسي للملك تهامة والجبال وفي تهامة مملكتان مملكة زبيد ومملكة عدن ومعنى تهامة ما انخفض من بلاد اليمن مع ساحل البحر من البرين من جهة الحجاز إلى آخر أعمال عدن دورة البحر الهندي واليمن أخصب من الحجاز وأكثر أهلها القحطانية وفيها من عرب وائل ودامت دولة بني رسول باليمن عَلَى رواية ابن إياس نحو مائتين وثلاثين سنة وكان سبب تسمية جدهم برسول أن الخلفاء كانت تبعثه رسولاً إلى البلاد الشامية وغيرها من البلاد فسمي رسولاً وما زال يرتقي حتى ملك بلاد اليمن.
ذكر المقدسي أن المذاهب المستعملة لعهده في الإسلام التي لها خاص وعام دعاة وجمع ثمانية وعشرون مذهباً أربعة في الفقه وأربعة في الكلام وأربعة في الحكم فيها وأربعة مندرسة وأربعة في الحديث وأربعة غلب عليها أربعة وأربعة رستاقية فأما الفقهيات فالحنفية والمالكية والنفعوية والداودية وأما الكلاميات فالمعتزلة والنجارية والكلابية والسالمية وأما الذين لهم فقه وكلام فالشيعة والخوارج والكرامية والباطنية وأما أصحاب