وكان في صنعاء قاعدة اليمن بنو جعفر من حمير بقية الملوك التبابعة استبدوا بها مقيمين بالدعوة العباسية ولهم من صنعاء سحان ونجران وجرش ولما بلغ عاملها أبا الجيش اسحق ابن إبراهيم قتل المتوكل وخلع المستعين واستبداد الموالي عَلَى الخلفاء مع ارتفاع اليمن ارتفع بالمظلة شان سلاطين العجم المستبدين وفي أيامه خرج باليمن يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي بن إبراهيم بن طباطبا بدعوة الزيدية جاء بها من السند وكان جده القاسم قد فر إلى السند بعد خروج أخيه محمد مع أبي السرايا فلحق القاسم بالسند وأعقب بها الحسين ثم ابنه يحيى باليمن سنة ثمان وثمانين (ومائتين) ونزل صعدة وأظهر دعوة الزيدية وزحف إلى صنعاء فملكها من يد اسعد بن يعفر ثم استردها منه بنو أسعد ورجع إلى صعدة وكان شيعته يسمونه الإمام.
وفي أيام أبي الجيش بن زياد أيضاً ظهرت دعوة العبيديين (الفاطميين) باليمن فأقام بها محمد بن الفضل بعده لاعة وجبال اليمن إلى جبال المذيخرة سنة أربعين وثلثمائة ويقي له باليمن من الشرجة إلى عدن عشرون مرحلة ومن مخلافه إلى صنعاء خمس مراحل وهلك أبو الجيش سنة لإحدى وسبعين وثلثمائة بعد أن اتسعت جبايته وعظم ملكه قال ابن سعيد رأيت مبلغ جبايته وهو ألف ألف مكررة مرتين وثلثمائة وستة وستون ألفاً من الدنانير العثرية ما عدا ضرائبه عَلَى مركب السند وعَلَى العنبر الواصل بباي المندب وعدناَبين وعَلَى مغائص اللؤلؤ وعَلَى جزيرة دهلك ومن بعضها وصائف وكانت ملوك الحبشة من وراء البحر يهادنوه ويخطبون مواصلته وانقرضت دولته سنة سبع وأربعمائة.
ثم ملك نجاح وقيس من موالي مرجان مولى الحسن بن سلامة وتغلب نجاح بعد أن قتل أخاه في خمسة آلاف من عسكره وضرب السكة باسمه وكاتب ديوان الخلافة ببغداد فعقد له عَلَى اليمن ولم يزل مالكاً تهامة وقاعدته زبيد قاهراً لأهل الجبال وانتزع الجبال كلها من مولاه الحسن بن سلامة ولم تزل الملوك تتقي صولته إلى أن قتله الصليحي القائم بدعوة العبيديين سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة فقام الأمر بعده بزبيد مولاه كهلان.
أما الصليحي فكان مبدأُ أمره مثل السيد أحمد بن إدريس الذي كان قائماً في عسير في السنة الماضي عرف بالصلاح فالتف الناس حوله وأظهر الدعوة العبيدية فاستولى أولاً عَلَى حصن بذورة جبل الحمام محصن ذلك الحصن ثم ملك اليمن كله ونزل صنعاء واختلط بها