عاتقها حماية الكاثوليك فلم تقبل فرنسا أن تتنازل عن حقوقها. وبلغت المنافسة من هذا الوجه معظمها سنة 1883 فكانت إيطاليا تلج بطلب حماية المبشرين الإيطاليين وفرنسا تعارضها لاعتقاد الاثنتين أن في هذه الحماية ما يجعل لهما شأناً عظيماً في هذه البلاد.
ولما كانت إيطاليا تبغي إيصال نفوذها إلى أقصى درجاته فتحت اعتماداً في ميزانيتها للدارس الشرقية لسنة 1883 - 1884 قدره ثمانون ألف ليرة. وما كان هذا المبلغ ليحسب عظيماً لو لم تكن ماليتها إذ ذاك في حالة يرثى لها. لكنها لم يتسنى لها مع ذلك حماية المبشرين الإيطاليين فقررت إنشاء عدد كبير من المدارس المدنية وخصصت لهذه الغاية سنة 1887 إعانة سنوية قدرها مليون ونصف من الفرنكات. غير أنها لم تفلح في هذا المسعى لما يقتضيه التعليم المدني من النفقات الباهظة ولعدم تمكنها من إيجاد معلمين لهم خبرة كافية للقيام بمثل هذا العمل. فعادت تحاول سلب حقوق فرنسا بحماية الكاثوليك وأَسست لهذه الغاية في فلورنسا جمعية جنسية لحماية المبشرين الطليان فاضطرت فرنسا أن تتنازل عن بعض حقوقها واتفقت مع إيطاليا في سنة 1905 عَلَى أن المعاهد وكان لهذا الفوز السياسي الباهر تأثير سيء في فرنسا اضطرب له الرأي العام أيما اضطراب.
ولم تكن إيطاليا بعد فوزها عَلَى فرنسا لتكتفي بالمليون والنصف من الفرنكات لأجل مدارسها فجعلت كل سنة تخصص مبالغ أخرى لمدارس الحكومة ومدارس الرهبنات التي أنشأها الإكليريكيون المطرودون من إيطاليا بأمر الحكومة. وفي الخامس من تموز سنة 1905 صادق مجلس النواب عَلَى زيادة ميزانية المدارس السورية أربعمائة ألف فرنك فأصبحت نحو مليونين ادخل منها في ميزانية نظارة الخارجية 1350000 فرنك وفي ميزانية لجنة الاستعمار 550000 وتقرر توزيع المبلغ من قبل نظارة الخارجية بمعرفة نظارة المعارف.
ولما التفتت ألمانيا إلى الشرق كانت الدول قد رسخت أقدامها في سورية وفلسطين. عَلَى أن ذلك لم يمنعها من بسط نفوذها ونشر لغتها بسرعة لا توصف شأنها في كل حالاتها مع الدولة العلية. وجعلت تخطو إلى الأمام بقدم ثابتة زاعمة أنها مدعوة للقيام بعمل حيوي لأن الحياة والتاريخ يدعوانها لتكون صلة التواصل بين الشرق والغرب ومرشدة روحية للشرقيين. وما من ينكر عليها أنها تقوم بهذا العمل أحسن قيام فما برحت تنقل إلى الشرق