اللتين تمدان يديهما إلى اقتلاع حماية الكاثوليك في الشرق الأدنى من يدها. ولا شك أنها لا تتوقف عن كل ما من شأنه المحافظة عَلَى اسم الجمهورية وشرفها.
أما إنكلترا فإنها قد رافقت فرنسا في عمل نقل المدنية الغربية إلى سورية وفلسطين. وكان المبشرون من الإنكليز ينشرون في المدن الكبرى وفي ربوع لبنان حتى أقصاها وينشئون المدارس والكنائس والمستشفيات للمرضى فعمت اللغة الإنكليزية وراجت تجارة إنكلترا وعظمت المنافسة بين النفوذ الإنكليزي والفرنساوي. عَلَى أنا لا ندري ما تنفقه الحكومة الإنكليزية عَلَى مدارسها ومعاهدها الخيرية في سورية أما فلسطين فقد عرفنا من أوثق المصادر أنه ينفق عليها أربعمائة ألف فرنك ولإنكلترا في سورية أضعاف ما لها في فلسطين من المعاهد الخيرية وغيرها.
ودخلت النمسا سورية بعد إنكلترا وفرنسا لاشتغالها عنها بالبلقان حيث كانت تسعى جهدها بتعزيز مركزها والبلقان مركز نفوذها دينياً وسياسياً. غير أنه لما رأت ما أحرزته إنكلترا وفرنسا من النجاح الباهر في سورية نوت من مناوأتهما لتفتح لتجارتها سوقاً جديدة وفازت بذلك بهمة جمعية الفرنسيسكان الغنية التي تنشر النفوذ النمساوي بهمة لا تبارى فتنشئ المدارس والمستشفيات للمرضى وبيوت العجزة وتجري الحفريات الأثرية وتبتاع الأماكن الثمينة بالنظر إلى تاريخها المقدس.
ولم نتمكن من الوقوف عَلَى كمية المبالغ التي تنفقها الحكومة النمساوية في سورية وفلسطين عَلَى مدارسها ومعاهدها الخيرية لإبقائها ذلك في طي الكتمان إنما نترك للقارئ تقدير ذلك متى علم أن النمسا تنفق عَلَى دار الغرباء وحدها في القدس 12000 كرون وذلك بموجب ميزانية وزارة خارجيتها وأضف إلى ذلك الإعانات العديدة التي يمد بها الأهالي جمعية الفرنسيسكان وما يدفعه الإمبراطور فرنسيس يوسف من ماله الخاص. وهذا ما لا يمكن معرفة حقيقته.
أما إيطاليا فإنها بعد اتحادها سنة 1861 فقد وجهت أنظارها إلى الشرق أسوة بغيرها من الدول الأوربية. وكانت الحكومة إذ ذاك فقيرة فخصصت في ميزانيتها اعتماداً زهيداً لا يتجاوز أربعين ألف فرنك إعانة لكل المدارس الإيطالية في الشرق.
وفي سنة 1870 تضعضعت فرنسا في حربها مع بروسيا فطلبت إيطاليا أن تأخذ عَلَى