ونساؤهم وهكذا انقسم المسلمون أقساماً وتحزبوا أحزاباً.
تفرقوا شيعاً فكل جزيرة ... فيها أمير المؤمنين ومنبر
قتل علي وتم الأمر لمعاوية ولكنه لم يمت حتى عاد الانقسام إلى المسلمين أشد مما كان ونشات فتن تمزقت لها وحدة الأمة وتفانت من أجلها القوى ولست أريد أن أذكر الفتن وأخبارها ولا أن أشرح غوامضها وأسرارها بل يكفي أن أذكر لكم الأحزاب التي أوجدتها هذه الفتن فأولها حزب الشيعة وهم أنصار بني هاشم وهؤلاء انقسموا قسمين كبيرين فمنهم من دعا إلى بني علي ومنهم من دعا إلى بني العباس - الثاني حزب الأمويين وهؤلاء انقسموا قسمين أيضاً فمنهم من دعا إلى بني ومعاوية ومنهم من دعا إلى بني مروان - الثالث حزب الزبيرية وهم أنصار عبد الله بن الزبير وكل هؤلاء يطلبون الملك ويطمعون فيه. الرابع حزب الخوارج وهؤلاء قد انقسموا اقساماً كثيرة ولكنهم يطلبون الجمهورية - الخامس حزب المرجئة ومه جماعة لم يظهروا الميل إلى حزب من الأحزاب ولم يحكموا عَلَى أحد بكفر ولا بإيمان وغنما تركوا ذلك لله وقد أظهروا الطاعة لكل ملك عادل من أي حزب كان. . . وكل هؤلاء الأحزاب كانت تحتكم إلى السيف والقوة وتدافع عن آرائها بالشعر والخطابة وقد سلكوا بالشعر في تلكم الأيام مسلك الصحف السياسية الآن وأنا أترك لكم تقدير ما ينال الشعر والخطابة في اثر ذلكم الاختلاف من علو المنزلة وسمو المكانة ولكني أقول أن الخطب قد طالت وتنوعت مناحيها وسلك بها الخطباء طرقاً جمة في الجدال وقد رقت ألفاظها واستعارت من القرآن الكريم شيئاص من رشاقة الأسلوب ومتانته ولم تكن تحسب الخطبة إلا إذا رصعت بشيء من آي الذكر الحكيم عَلَى طريقة الاقتباس وقد اختصت الخطابة في هذا العصر بوجوب ابتدائها بحمد الله والصلاة عَلَى نبيه فإذا لم تبدأ بالحمد فهي بتراء وإذا خلت من الصلاة فهي شوهاء وهذه هي المعذرة التي حملتني عَلَى أن أخالف في هذه الخطبة عادة العصر الجديد.
الآداب العربية في أيام بني أمية
تمالملك لبني أمية آخرة الأمر وقد ورث العرب أرض الفرس والروم وتهيأت لهم أسباب الثروة والغنى فسكنوا القصور الشامخة واتخذوا نضائد الحرير وسطور الديباج وطعموا في آنية الذهب والفضة وصحت فيهم نبوة أبي بكر رضي الله عنه حين قال لعبد الرحمن بن