صاحبة إنكلترا تجد سبيلاً بين مشاغلها الكثيرة من تولي أمر 350 مليوناً من البشر أن ترسم على الورق والمقوى الرسم الملون وكان اين عمها ملك البرتغال يصور الأقمسشة والأقمشة التي تخرج من مناقشه إذا عرضت في المعارض تعرف من بين غيرها ويدرك الناقدون أن يداً تخلت عن الصولجان ساعات لتمسك المنقش. وترى الإمبراطور غليوم يرسم ويصور وينظم بعض الأناشيد والأغاني في آونة الفراغ وخال والدته الدوق أرنست الثاني ساكس كوبرع قد ألف قصة بأناشيد أبرزها للناس في دار التمثيل بقصره باسم مستعار وكان يجد لذة بين مشاغله أن يمثل التمثيل المضحك. وكان ماكسيمليان امبراطور المكسيك التعس الحظ شاعراً وقصائده الغنائية تشهد له بالغيرة وباحقية جهاده. وأصدرت الأرشيدوقة لويزدي توسقان مجلداً في الشعر يدل على أنه كان في رأسها الأصهب مكان للأوزان والقوافي الشعرية.
وإذا نزلنا قليلاً في درجات أراب العروش ونظرنا إلى أهل الطبقة الأولى في المجتمع نجد غواة البدائع والفنون كثيراً عديدهم فإن الكونت بوست الذي يعزو إلى نفسه المشكلة النمساوية المجرية كان يكتب بالفرنسوية قصائد رقيقة تنبي عن أغرض عالية والدوقة ولية العهد دوزيس تعمل نصباً وهياكل حسنة.
وللعقائل الكبريات في باريز منذ بضع سنين ردهة سنوية يسقط الناظر في قائمتها على جميع أسماء النبيلات ونساء الكبراء ولا يقبل فيها غير رسوم رسمتها أناملهن ويتبارين الإشراف مبتهجين أمام ما صنعته أيدي أزواجهن البيضاء.
ولجميع الأعمال الحرة أيضاً مجتمعات فترى المحامين والقضاة والأطباء والممثلين والصحافيين يعرضون فيها ثمرات حبهم للصنائع النفسية من نقش ورسم وحفر ومنها يستدل على مبلغ ولوعهم بالرياضات البدنية ولوعهم بتشغيل عقولهم. لا جرم أن جميع غواة الشعر والموسيقى والفنون ينظرون انصراف أذهانهم إلى هذه الصناعات الجميلة خارجاً عن عملهم يتلهون بها فقط زيادة على ما أخذوا أنفسهم به من الأعمال مما دل على أن القريحة الصغيرة أو النصف القريحة تعد من البركات إذا نميت لذاتها فقط ولما فيها من النفع ولما لها من الوقع. ولكن إذا أضاف أمثال هذه الطبقة إلى عملهم طمعاً وطبعاً جاء منهم أناس يغضبون وييأسون لأنهم لم ينجحوا فيما هم بسبيله نجاح من استعدوا لهذه