وقال المتنبي:
كلما رحبت بنا الروض قلنا ... حلب قصدنا وأنت السبيل
فيك مرعى جيادنا والمطايا ... وإليها وجيفنا والنميل
أول من استوطن بقعة حلب بنو حام بن نوح وكانوا ينزلون من شط بغداد إلى مصر وقد كانت فرقة منهم فيها قيل أنها تسمى الكيتا فسكنت بقعة حمص وحماة وحلب. وسكن حلب إبراهيم الخليل ثم جاء بعده بنو أرام بن لوط من بني سام واستولوا على تلك البقعة واخرجوا منها أولاد حام فسميت مملكة الآراميين والسريانيين وقسموها إلى ثلاثة أقسام الأولى جزيرة الآرام وهي من الخابور إلى الفرات والثانية المملكة الشامية وهي دمشق وما قرب منها الثالثة مملكة آرام صوبا وهي الجبول من ضاحية حلب وما قرب منها.
ووصفت حلب بالشهباء لأن القادم إليها تتراءى له بيضاء من بعيد بخلاف غيرها من البلدان. ويقولون أنها منم بناء العمالقة بدليل الكتابة التي وجدت على الحجر الأسود في الحائط بظاهر جامع القيقان داخل باب انطاكية مكتوبة بالخط الهيروغليفي بلغة الكيتا أو الحماتيين وكانت هذه الكتابة مصطلحا عليها في أيامهم وكان اسم حلب بلغتهم هليون وهلبه واستمرت بأيديهم إلى إن أتى ملوك الفراعنة من مصر وحاربوهم وملكوها منهم وهم توتمس الأول وتوتمس الثاني وسيأتي ورعمسيس الأول وذلك قبل التاريخ المسيحي بألفين وخمسمائة سنة إلى ثلاثة آلاف سنة ثم استردها الكيتا منهم صلحا واتى بعدها ملوك بابل وحاربوا السريانيين وملكوها وذلك قبل التاريخ المسيحي بستمائة وستين سنة وقد عثروا في قرية من قرى جبل سمعان قرب حلب اسمها كفرنابو على الصنم الذي كان يعبده البابليون ومعنى نابو بلغتهم اله فيكون معنى كفرنابو قرية الإله وفي سنة 860 ق. م حارب شلمناصر الرابع الحماتيين وملك حلب في جملة ما ملك من البلاد فظل ملوك الحماتيين تحت سلطة البابليين إلى إن أتى ملوك العجم واستولوا على البلاد فاخرجوا البابليين منها وبقيت بأيديهم إلى إن جاء لاسكندر وأخذها منهم فصارت مسكنا للروم اليونانيين يقولون لها ما خيله ولما حولها خلبن بالخاء المعجمة وكانوا يقولون لها بروبا لأنها فيم أقيل تشبه إحدى مدنهم ولعلها عربية من قولهم بريرى لأن الناظر إلى البر من قلعة حلب يراه ممتدا إمامه.