الإبانة عما في خاطرنا من معنى الوسط أو المحيط.
على أن الذي ورد عند العرب من هذا المعنى هو المربى والمنشأ. وقد وردت الأولى مراراً عديدة في مقدمة ابن خلدون. وترجمها ناقلها إلى الفرنساوية بلفظة المذكورة من ذلك مثلاً ما جاء في الفصل الذي عنوانه إن حملة العلم في الإسلام أكثرهم العجم ومن الغريب الواقع أن حملة العلم في الملة الإسلامية أكثرهم العجم لا من العلوم الشرعية ولا من العلوم العقلية إلا في القليل النادر. وإن كان منهم العربي في نسبته فهو عجمي في لغته ومرباه ومشيخته مع أن الملة عربية وصاحب شريعتها عربي.
وهذه الفظة قد تكررت مراراً لا تعد في هذا السفر. وقد ورد بهذا المعنى لفظة منشأ ووجه الترادف واضح.
على أننا لا نرى سبباً لرذل كلمتي وسط ومحيط فإنهما تفيان بالمراد من باب المجاز وباب المجاز واسع لم يقيده الأقدمون بقيود من حديد ولم يضعوا له قواعد غير القواعد المعروفة عند جميع أهل اللغات. وعليه فإن جاز للإفرنج أن يقولوا بهذا المعنى الوسط والمحيط فلماذا يحظر على العرب التلفظ بمثل هذه الحروف. إن هذا لمما يأباه كل عاقل عارف بآداب اللغة.
بغداد // ساتسنا