وبقسم علماء الاركيولوجيا العصر الحجري إلى عدة أزمنة أضربنا عن ذكرها لنسوق الكلام عليه هنا خلواً من عرقلة التقسيم والتداخل.
ويظهر من الآثار القديمة أن الإنسان لم يهتد في أوربا إلى استعمال المعادن إلا قبل التاريخ المسيحي بألفين إلى ثلاثة آلاف سنة حين بدأ باستعمال البرونز وبعد ذلك استعمال الحديد (قبل المسيح بنحو ألف سنة).
ولذلك فالخصر الحجري في أوربا وكثير من أنحاء العالم انتهى في بدء زمان استعمال المعادن بعد أن استمر زمناً طويلاً.
وقد وجدت آثار عديدة في جميع أنحاء العالم تدل على أن الإنسان استعمل الأدوات الصوانية في همجيته حيث حل في القارات الست. وكانت هذه الأدوات خشنة الملمس غير متقنة في أوائل عهد الهمجية ثم أتثنت شيئاً فشيئاً في زمن سكن الكهوف ثم صقلت وارتقت في أواخر العصر الذي تلاه زمن يسمى بالجديد وهو ما نسميه هنا بزمن العبور من العصر الحجري إلى الزمن المعدني أي استعمال المعادن.
وفي جملة ما عثر عليه الباحثون من البقايا الحيوانية والآلات الصوانية في كنت ببلاد الإنكليز وفي بلجيوم وألمانيا وفرنسا ومصر وآسيا واليابان وأواسط أفريقية والمكسيك وغيرها ما يدل دلالة واضحة على كيفية معيشة الإنسان قديماً وعلى أنواع الحيوانات المعاصرة له التي انقرض بعضها الآن كالمموث والفيل الكبير ونوع من فرس البحر هائل الجثة وكثير من الطيور التي لو رأينا هياكلها الآن لهالنا كبر حجمها وغرابة منظرها.
وقد وجدت عظام هذه لحيوانات المنقرضة بجانب أدوات الإنسان في مدافنه وكهوفه ورئي شيء من لحم بعضها لا يزال لاصقاً بالعظام.
العصر الجليدي - واستدل علماء الآثار من أدلة عديدة وجدوها في طبقات متباينة العمق تحت الأرض وفي كهوف كلسية أن نصف الكرة الشمالي كان معتدل الهواء في أواسط الدور الثلاثي إلا أن سطح أوربا الشمالي كان في ذلك الوقت غير ما كان عليه في الدور الرباعي بعده. فكانت مياه الأوقيانوس الشمالي تغطي جميع الأراضي الواقعة الآن إلى الشمال من خط يمد من جنوب إنكلترا إلى بطرسبرج. وبعد ذلك شخصت جبال الألب والقوقاس والكربتيان وباقي الجبال فغبرت هواء تلك الأصقاع بما أحدثته من الرطوبة