سواها فدل بذلك على أنها حقيرة وقيرة. ومثل هذه لا يصبو إليها من له همة وهذه الصفات كلها تستقذرها نفس الصعلوك والمملوك. وقد قال أيضاً في موضع آخر من هذا الباب من قصيدة أخرى:
سموتُ إليها بعد ما نام أهلها ... سُمو حباب الماء حالاً على حال
فقالت لحاك الله أنك فاضحي ... ألست ترى السمار والنار أحوالي
حلفت لها بالله حافة فاجرٍ ... لناموا فما أن حديث ولا صالي
فأخبر ههنا أنه هين القدر عند النساء وعند نفسه برضاه قولها لحاك إله فحصل على لحاك الله من هذه ولك الويلات من تلك فشهد على نفسه أنه مكروه مطرود غير مرغوب في مواصلته. ولا محروص على معاشرته. ولا مرضي بمشاكلته. ثم أخبر عن نفسه أنه رضي بالحنث والفجور. وهذه أخلاق من لا أخلاق لها. ثم أقرّ في مكان آخر من شعره بما يكتمه الأحرار. ولا ينم بفتحه إلا الأوضاع الأشرار فقال:
ولما دَنَوت تسديتها ... فثوباً نسيتُ وثوباً أَجُرْ
وأي فخرٍ في الإقرار بالفضيحة على نفسه وعلى حيه واين هذا من قول يعقوب الخزيمي:
ولا أسأل الولدان عن وجه جارتي ... بعيداً ولا أرعاه وهو قريب
وإنما سهل عليه كل هذا حرصه على ما كان ممنوعاً منه وذلك أنه كان مبغضاً إلى النساء جداً. مفروكاً ممن ملك عصبتها لأسباب كثيرة ذكرت. وكل من حرص على نيل شيء فمنع منه فعلاً. ادعاه قولاً. وله أشباه فيما أتاه. يدعون ما ادعاه. إفكاً وزوراً وكذباً وفجوراً. منهم الفرزدق وهو القائل:
هما دلياني من ثمانين قامة ... كما انقض باز أقتم الريش كاسره
فهذا أول كذبة ولو قال من ثلثين قامة لكان كاذباً لتقاصر الارشية عن ذلك وقد قرعه جرير في قوله
تدليت تزني من ثمانين قامة ... وقصرت عن باع العلى والمكارم
وكان مغرماً بالزنا مدعياً فيه. منها ما شهر به من النميمة بمن ساعده. والادعاء على من باعده. منها دمامته ومنها اشتهاره. والمشهور يصل إلى شهوة يتبعها ريبة. فكان يكثر في شعره من ادعاء الزنا. واستدعاء النساء وهن أغلظ عليه من كبد بعير. وأبغض فيه وأهجى