(البنك) سرسور شركة تجارةٍ وقد فوض إليه تحقيق أعمال المدبرين والمقيمين بشؤونها. وهذا كله يصح فيه معنى السرسور على موجب ما أثبت معناه اللغويون أي الفطن العالم والحسن القيام على المال العالم بمصلحته.
هذا ما أردنا إيراده بخصوص اللفظة وأصلها ومعناها عند العرب سابقاً ومعناها عند الإفرنج في عهدنا هذا. وإمكان دخول مختلف معانيها في لغتنا إذ الجامعة بين شعبها موجودة عندنا أيضاً وهذا كله من منافع الوقوف على أصول الألفاظ والبحث عن انسلالها في لغتنا. بقي علينا أن نذكر ما يتعلق بهذه اللفظة في أمرها في التاريخ فنقول:
(3 - السرسور في التاريخ) كانت إقامة رتبة السرسور أو السنسور في الطبقة الأولى عند أمة الرومان. وكان ينتخب أصحابها انتخاباً إلى زمن محدود مضروب. وإذا قلدها واحدهم أصبحت سلطته توازي سلطة القنصل مع أن هذه السلطة هي ابنة تلك لا غير. وكان يقام السرسور في الأصل لتعداد النفوس كما يدل عليه اللفظ نفسه سنسور مركبة من سنس والأداة الدالة على الصاحبية والسنس هو تعداد النفوس ومن بعد ذلك امتدت سيطرته إلى إصلاح الأخلاق وتهذيب ضروب الجماعات وطبقاتها. ومن ثم كان يشارف السوقة والبطارقة حتى إذا أخذوا بشيء وجب عليهم أن يزكوا أنفسهم كلما اقتضت الحال أو دعاهم السرسور أن يتبينوا ما يعزى إليهم. ولم تكن وظيفة أو رتبة أو منصب من مقامات الدولة الرومية إلا وتخضع لسلطة السرسور أو الزرزار. ومما كان يكلف به السهر على كل ما يتعلق بالمصالح العامة كالجسور والأقنية والأبنية العامة والقناطر والمعابر إلى غيرها. وكانت هذه السطوة أو السلطة تعلو في الشعب الروماني بقدر ما كانت تنحط وتهوي في مجلس شيوخهم على أنهم لم تأخذ بالانحطاط إلا لما دب الفساد إلى الأمة كلها وسرى إلى الخاص منهم والعام سراً وجهراً حتى فشا في السراسرة أنفسهم ولقد كان للقب الزرزار من الشرف الرفيع ما حدا بقيصر وسائر الانبراطرة أن يتسموا به ويتخذوه لأنفسهم.
وأما في بلاد اليونان فإن الزرازرة لم يفوزا بما حظي به من النفوذ زملاؤهم الرومانيون فإن زرازرة أثينة واسبرطة لم يقلدوا ذلك اللقب إلا تقليداً أدبياً ليس إلا.
وقد بقي الزرزار حتى في عهد بعض جمهوريات إيطالية الأخيرة كجمهورية البندقية مثلاً ثم انقرض بانقراضها.