ومؤسس مملكة تيديان الذي استقل واحتفظ بمدائن كونيا وكانكوما وتورو كوتو وكابادو كو وبعد حين عاد إلى الوثنية حتى إذا نشبت حرب كونيا عاد فدان بالإسلام وقد جرى على تعاليم المرابط ديالو من فتاح جالون والفاعثمان من أهل الطريقة القادرية الذي جاء عقيب إرشاد الحاج عمر فتوطن في تلك البلاد في مدينة اسمها ليلنكو ومنذ ذلك العهد ساعده الفاعثمان في جميع حملاته وباقتراحه أطلق على ساموري بعد فتح كانكان لقب المامي.
وذها المأرب السياسي الذي حمل الوطنيين من الأفريقيين على انتحال الإسلام قد أتت عليه الدول الأوربية إذ لم يجد الزنوج داعياً بعد أن فتحت كل من فرنسا وإنكلترا مملكتيهما الأفريقيتين أن يعمدوا إلى هذه الطرق. فدخول الأوربيين إلى أفريقية حال دون انتشار الإسلام وبقاء الوثنية في الزنوج في مركزها وربما عاد بعض الوثنيين بعد انتحال الإسلام إلى سابق دينهم كما وقع لجماعة أصلهم من قيس وصوننكة أو ماركا دانوا بالإسلام واستوطنوا حوالي سنة 1830 في شمالي ياماكو واغتنموا وتأثلوا بما استرقوه من العبيد الذين توفروا على حراثة أراضيهم ولما احتل الفرنسيين تلك الجهات وأبطل الرقيق ولا سيما في سنة 1905 و 1906 عاد أولئك العبيد إلى مواطنهم الأصلية فاضطر أولئك الجماعة أن يغادروا المدينة وينزلوا القرى ليحرثوها بأنفسهم والغالب أن عدداً عظيماً منهم عادوا إلى الوثنية وهناك أمثلة أخرى للردة وهي كما تقدم منبعثة عن سبب سياسي كالسبب الذي دعا إلى انتحال الإسلام فالمصلحة الواحدة ظهرت في الوجهتين المتخالفتين وأعني بذلك المصلحة حفظ حقوق عنصرهم وامتيازاته.
والظاهر اليوم أن الدواعي السياسية في أفريقية لا تعمل لما فيه نشر كلمة الإسلام إلا من حيث الوجهة المحلية الصرفة وهكذا في الجماعات الوطنيين من غير المسلمين حيث ترى مسلمين من أصل غريب وأحياناً كثار العدد ولهم سطوة حقيقية لذلك يصعب على نفوسهم أن تخضع راضية لمطالب الرؤساء وقد تجد أولئك الزعماء من يدين بالإسلام علناً جهاراً وما ذلك إلا دليل على سمو مكانة الإسلام من حيث هو دين ومن حيث هو ذريعة للمدنية.
وقصارى ما ينتج من الحوادث التي عرضناها والإحصاءات وطرق الدعوة والأسباب المنوعة في إسلام من لم يدن بدين الإسلام إن هذا الدين ينتشر ويرتقي وأن له المكان السامي بين الأديان التي يبشر بها دعاتها وينشر رعاتها. وليس للأمثلة في الردة عن