وإذا اعتبرنا الإسلام من الوجهة الاجتماعية والاقتصادية نراه ولا سيما في أفريقيا قوة أسمى من غيره وواسطة للنجاح من الطراز الأول وذلك أن الإسلام كالنصرانية لم يخرج عن كونه عبارة عن مدنية ذات أصل قديم انتشر انتشاراً طويلاً وأتت عليه أدوار في النشوء بطيئة وكتب له أن بلغ في الشرق وفي الغرب أوج مجده وهو إذا انحط الآن وتراجع فلم يبرح له وجود. وكانت هذه المدنية في أفريقيا حيثما دخلت أسمى من غيرها من حيث الوجهة الإدارية والاقتصادية ومن الوجهة العقلية والأخلاقية والدينية ولذا قال أحد الباحثين أننا إذا قايسنا مجموع النتائج في بث النصرانية في أفريقية وبث الإسلام لا من حيث العدد فإن عدد من دانوا بالنصرانية قلائل بالنسبة للمسلمين بل من حيث التأثير العقلي والأخلاقي والاجتماعي في الجماعات والأفراد المهتدين يتجلى لنا بلا شك أن الإسلام أسبق في هذا المعنى.
فالإسلام بما فيه من مكانة إذا كتبت له الغلبة في الشعوب الأفريقية ولا سيما في الزنوج فذلك لأن فيهم خاصية الشعوب الأفريقية ولا سيما السود منهم فللإسلام بعض الأوضاع الأساسية المناسبة مع الحالة الاجتماعية في الزنوج وأعني بذلك تعدد الزوجات والرق وسذاجة الحياة الظاهرة في أهل الإسلام وأن هذه السذاجة في الإسلام هي قوة فيه قوى التجنس تؤثر في الزنوج قوة شخصية في تربية النفس بالنفس وتمكين الإرادة والشجاعة في قلب كل من دان به أن هذه السذاجة غريبة مدهشة لعمر الحق هي تطبيق حياة السذاجة التي يدعو إليها أرباب النظر السامي من أهل النصرانية في أوربا وأفريقية.
ومن جملة الأسباب التي دعت إلى انتشار الإسلام أحوال سياسية قضت على القبائل وعلى الأفراد وأن يحفظوا مراكزهم بالإسلام وكان ذلك قبل أن تتقاسم دول أوربا بالفعل تلك الأقطار فقبلت قبائل الزنوج الإسلام لتحفظ حياتها لما في الإسلام من الإدارة والنظام ويستقلوا في حكومات لهم مستقلة ذات نظام اجتماعي حي راق وبهذه الطريقة انتشر الدين الإسلامي في بلاد كثيرة من أفريقية الوسطى والغربية.
وانفي تاريخ حياة المامي ساموري أكبر دليل على ما للمصلحة السياسية من الدخل في بث الدعوة للإسلام فقد كان هذا الرجل قبل الاستيلاء على مدينة كانكان بحسب أغراضه السياسية فهو وثني لأول مرة ثم دان بالإسلام لما اتصل بصوري ابراهيما أحد أتباع محمد