صح عنه أنه قال: إذا صح الحديث فهو مذهبي وقد حكى ذلك ابن عبد البر عن أبي حنيفة وغيره من الأئمة.
وقال الإمام السندي في حواشيه على فتح القدير - من كتب الحنفية - الحديث حجة في نفسه واحتمال النسخ لا يضر فإن من سمع الحديث الصحيح فعمل به وهو منسوخ فهو معذور إلى أن يبلغه الناسخ، ولا يقال لمن سمع الحديث الصحيح لا يعمل به حتى يعرضه على رأي فلان وفلان فإنما يقال له انظر هل هو منسوخ أم لا، إما إذا كان الحديث قد اختلف في نسخه فالعامل به في غاية العذر فإن تطرق الاحتمال إلى خطاء المفتي أقوى من تطرق الاحتمال إلى نسخ ما سمعه من الحديث، قال ابن عبد البر: يجب على كل من بلغه شيء أن يستعمله على عمومه حتى يثبت عنده ما يخصصه أو ينسخه، وأيضاً فإن المنسوخ من السنة في غاية القلة حتى عده بعضهم أحداً وعشرين حديثاً، وإذا كان العامي يسوغ له الأخذ بقول المفتي بل يجب عليه مع احتمال خطاء المفتي كيف لا يسوغ له الأخذ بالحديث إذا فهم معناه وإن احتمل النسخ، ولو كانت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسوغ العمل بها بعد صحتها حتى يعمل بها فلان وفلان لكان قولهم شرطاً في العمل بها وهذا من أبطل الباطل وقد أقام الله تعالى الحجة برسوله صلى الله عليه وسلم دون آحاد الأمة، ولا يعرض احتمال الخطاء لمن عمل بالحديث وأفتى به بعد فهمه إلا وأضعاف أضعاف حاصل لمن أفتى بتقليد من لا يعلم خطؤه من صوابه ويجري عليه التناقض والاختلال ويقول القول ويرجع عنه ويحكى عنه في المسألة عدة أقوال، وهذا كله فيمن له نوع أهلية أما إذا لم يكن له أهلية ففرضه ما قال الله تعالى فاسألوا أهل الذكر إن كنت لا تعلمون وإذا جاز اعتماد المستفتي على ما يكتبه له المفتي من كلامه أو كلام شيخه وإن علا فلان يجوز اعتماد الرجل على ما كتبه الثقات من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بالجواز ولو قدر أنه لم يفهم الحديث فكما لو لم يفهم فتوى المفتي يسأل من يعرفها فكذلك الحديث انتهى كلام السندي مخلصاً وقد أطال من هذا النفس العالي رحمه الله ورضي عنه.
إيثار الفتوى بالآثار السلفية
قال ابن القيم في أعلام الموقعين: اعلم أن فتاوى الصحابة أولى أن يؤخذ بها من فتاوى