وينبغي للعامي أن لا يطالب المفتي بالدليل ولا يقل لم قال النووي: فإن أحب أن تسكن نفسه لسماع الحجة طلبها في مجلس آخر أو في ذلك المجلس بعد قبول الفتوى مجردة.
وقال السمعاني: لا يمنع من طلب الدليل وإنه يلزم المفتي أن يذكر له الدليل إن كان مقطوعاً به ولا يلزمه إن لم يكن مقطوعاً به لافتقاره إلى الاجتهاد ويقصر فهم العامي عنه.
(العاشر)
إذا لم يجد صاحب الرقعة مفتياً ولا أحداً ينقل له حكم واقعته لا في بلدة ولا في غيره قال الشيخ - ابن الصلاح - هذه مسألة فترة الشريعة الأصولية وحكمها حكم ما قبل ورود الشرع والصحيح في كل ذلك القول بانتفاء التكليف عن العبد وأنه لا يثبت في حقه حكم لا إيجاب ولا تحريم ولا غير ذلك فلا يؤاخذ إذن صاحب الواقعة بأي شيء صنعه فيها والله تعالى أعلم.
من أفتى بالحديث الصحيح مخالفاً لمذهبه
قال الإمام النووي: صح عن الشافعي رحمه الله أنه قال: إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوا قولي: وروي عنه: إذا صح الحديث خلاف قولي فاعملوا بالحديث واتركوا قولي: أو قال: فهو مذهبي: وروى عنه هذا المعنى بألفاظ مختلفة.
وقد عمل بهذا أصحابنا في مسألة التثويب واشتراط التحليل من الإحرام بعذر المرض وغيرها مما هو معروف في كتب المذهب.
وقد حكى أبو اسحق الشيرازي في ذلك عن الأصحاب فيها ممن حكى أنه أفتى بالحديث من أصحابنا أبو يعقوب البويطي وأبو القاسم الدارلي، وممن نص عليه أبو الحسن الطبري في كتابه في أصول الفقه، وممن استعمله من أصحابنا المحدثين الإمام أبو بكر البيهقي وآخرون.
وكان جماعة من متقدمي أصحابنا إذا رأوا مسألة فيها حديث ومذهب الشافعي خلافه عملوا بالحديث وأفتوا به قائلين: مذهب الشافعي ما وافق الحديث: انتهى.
وفي شرح الهداية لابن الشحنة - من كبار الحنفية - فإذا صح الحديث وكان على خلاف المذهب عمل بالحديث ويكون ذلك مذهبه ولا يخرج مقلده عن كونه حنفياً بالعمل به فقد