وقال السبكي: في جمع الجوامع والمجتهد الفقيه: قال المحلي: كما قال فيما تقدم نقله عنه في أوائل الكتاب: والفقيه المجتهد لأن كلاً منهما يصدق على ما يصدق عليه الآخر، قال العطار أي فهو ليس من قبيل التعريف وإنما هو من قبيل بيان الما صدق فتساوى الأفراد واختلف المفهوم.
وفي فتح القدير لابن الهمام: قد استقر رأي الأصوليين على أن المفتي هو المجتهد فأما غير المجتهد ممن يحفظ أقوال المجتهد فليس بمفت والواجب عليه إذا سئل أن يذكر قول المجتهد على وجه الحكاية فعرف أن ما يكون في زماننا من فتوى الموجودين ليس بفتوى بل هو نقل كلام المفتي ليأخذ به المستفتي وطريق نقله لذلك عن المجتهد أحد أمرين إما أن يكون له فيه سند إليه أو يأخذه عن كتاب معروف تداولته الأيدي نحو كتب محمد بن الحسن ونحوها لأنه بمنزلة الخبر المتواتر أو المشهور.
ما اشترطه الأصوليون في المفتي
قال الإمام الصيرفي: موضوع هذا الاسم يعني المفتي لمن قام للناس بأمر دينهم وعلم جمل عموم القرآن وخصوصه وناسخه ومنسوخه وكذلك السنن والاستنباط ولم يوضح لمن علم مسألة وأدرك حقيقتها فمن بلغ هذه المرتبة سموه بهذا الاسم ومن استحقه أفتى فيما استفتي.
وقال ابن السمعاني: المفتي من استكمل فيه ثلاث شرائط: الاجتهاد والعدالة والكف عن الترخيص والتساهل.
وقال الإمام الشاطبي: المفتي البالغ ذروة الدرجة هو الذي يحمل الناس على المعهود الوسط فيما يليق بالجمهور فلا يذهب بهم مذهب الشدة ولا يميل بهم إلى طرف الانحلال والدليل على هذا أنه الصراط المستقيم الذي جاءت به الشريعة ومقصد الشارع من المكلف الحمل على التوسط من غير إفراط ولا تفريط فإذا خرج عن ذلك في المستفتين خرج عن قصد الشارع ولذلك كان ما خرج عن المذهب الوسط مذموماً عند العلماء الراسخين وأيضاً فإن هذا المذهب كان المفهوم من شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الأكرمين وقد رد عليه السلام التبتل وقال لمعاذ لما أطال بالناس في الصلاة: افتان أنت يا معاذ: وقال: إن منكم منفرين، وقال: عليكم من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا، وقال أحب العمل إلى الله ما دام عليه صاحبه وإن قل ورد عليهم الوصال، وكثير من هذا وأيضاً فإن