يفتيكم في الكلالة وليعلم المفتي عمن ينوب في فتواه وليوقن أنه مسؤول غداً وموقوف بين يدي الله.
وأول من قام بهذا المنصب الشريف سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين عبد الله ورسوله وأمينه على وحيه وسفيره بينه وبين عباده فكان يفتي عن الله بوحيه المبين وكان كما قال له أحكم الحاكمين قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين فكانت فتاويه عليه السلام جوامع الأحكام ومشتملة على فصل الخطاب وهي في وجوب أتباعها وتحكيمها والتحاكم إليها ثانية الكتاب وليس لأحد من المسلمين العدول عنها ما وجد إليها سبيلاً وقد أمر الله عباده بالرد إليها حيث يقول فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا.
كتابة الفتوى من العهد النبوي
عن أبي هريرة قال: لما فتحت مكة قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الخطبة خطبة النبي صلى الله عليه وسلم قال فقام رجل من اليمن يقال له أبو شاه فقال يا رسول الله اكتبوا لي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اكتبوا لأبي شاه: يعني الخطبة، وعن أبي هريرة قال: لم يكن أحد من أصحاب محمد أكثر حديثاً مني إلا عبد الله بن عمرو فإنه كتب ولم أكتب، وعن عبد الله بن عمرو قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه فنهتني قريش وقالوا: أتكتب كل شيء تسمعه ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتكلم في الرضا والغضب فأمسكت عن الكتاب فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأومأ بإصبعه إلى فيه وقال: اكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق.
أخرجها الحافظ ابن عبد البر في كتاب جامع العلم في باب الرخصة في كتاب العلم وعززها بآثار عدة منها عن سعد بن ابراهيم قال: أمرنا عمر بن عبد العزيز بجمع السنن فكتبناها دفتراً دفتراً فبعث إلى كل أرض له عليها سلطان دفتراً.
المفتون من الصحابة وطبقاتهم في الفتيا
قام بالفتوى بعد النبي صلى الله عليه وسلم علماء الصحابة رضوان الله عليهم قال ابن القيم: والذين حفظت عنهم الفتوى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة ونيف