وتراجم من لقوا الألاقي في سبيل تأييد مذهبهم ولا سيما في الامتناع عن القول بخلق القرآن وهي المسألة المختلف فيها بين العلماء على عهد المأمون الخليفة العباسي ومن بعده وذلك مثل أحمد بن نصر الذي قتل في خلافة الواثق لامتناعه عن القول بخلق القرآن أخذه الواثق فقال له ما تقول في القرآن قال: كلام الله قال: افترى ربك في القيامة، قال: كذا جاءت الرواية وأغلظ على الواثق في الخطاب وقال له: مه يا صبي، فدعا الواثق بالصمصامة وقال: إذا قمت إليه فلا يقومن أحد معي فإني أحتسب خطاي إلى هذا الكافر الذي يعبد رباً ولا نعبده ولا نعرفه بالصفة التي وصفه بها ثم أمر بالنطع فاجلس عليه وهو مقيد وأمر بشد رأسه بحبل وأمرهم أن يمدوه ومشى إليه حتى ضربت عنقه وأمر بحمل رأسه إلى بغداد فنصب في الجانب الشرقي أياماً وفي الجانب الغربي أياماً.
وفيه أمثلة من الشدة عومل بها الحنابلة وعاملوا بها في قرون مختلفة ولا سيما في القرون التي أثار ثائرها التعصب المذهبي وأمثلة من معتقد رؤساء المترجمين في المسائل المختلف فيها مثل قول أبي بكر بن أبي داود السجستاني من قصيدة:
وقل غير مخوق كلام مليكنا ... بذلك دان الأتقياء وافصحوا
ولا تغل في القرآن بالوقف قائلاً ... كما قال أتباع لهم واسجحوا
إلى من يقول بعد إيراد ما يجب الاعتقاد به
ولا تكفرن أهل الصلاة وإن عصوا ... فكلهم يعصي وذو العرش يصفح
ولا تعتقد رأي الخوارج أنه ... مقال لمن يهواه يردي ويفضح
ولا تك مرجياً لعوباً بدينه ... إلا أنما المرجي بالدين يمرح
ومثل ذلك قول أبي الخطاب الكلواذني من قصيدة:
قالوا فهل لله عندك مشبه ... قلت المشبه في الجحيم الموصد
قالوا فهل هو في الأماكن كلها ... قلت الأماكن لا تحيط بسيدي
قالوا فتزعم إن على العرش استوى ... قلت الصواب كذاك خبر سيدي
قالوا فما معنى استواه ابن لنا ... فأجبتهم هذا سؤال المعتدي
قالوا فأنت تراه جسماً قل لنا ... قلت المجسم عندنا كالملحد
وممن أطال في ترجمتهم الوزير ابن هبيرة العالم الذي صنف في وزارته كتاباً في ذكر