مجله المقتبس (صفحة 3853)

وما أنت إلا زاهد صاح صيحة ... يرن صداها ساعة ويطير

سلوت عن الدنيا ولكنهم صبوا ... إليها بما تعطيهم وتمير

حياة الورى حرب أنت تريدها ... سلام وأسباب الكفاح كثير

أبت سنة العمران إلا تناحراً ... وكدحاً ولو أن البقاء يسير

تحاول رفع الشر والشر واقع ... وتطلب محض الخير وهو عسير

ولولا امتزج الشر بالخير لم يقم ... دليل على أن الإله قدير

ولم يبعث الله النبيين للهدى ... ولم يتطلع للسرير أمير

ولم يعشق العلياء حر ولم يسد ... كريم ولم يرجو الثراء فقير

ولو كنت الخير فينا محضاً ما دعا ... إلى الله داع أن تبلج نور

ولا قيل هذا فيلسوف موفق ... ولا قيل هذا عالم وخبير

فكم من طريق الشر خير ونعمة ... وكم في طريق الطيبات شرور

ألم تر أني قمت قبلك داعياً ... إلى الزهد لا يأوي إليَّ ظهير

أطاعوا أبيكيراً وسقراط قبله ... وخولفت فيما أرتئي وأشير

ومت وماتت مطامع طامع ... عليها ولا ألقى القياد ضمير

إذا هدمت للظلم دور تشيدت ... له فوق أكتاف الكواكب دور

أفاض كلانا في النصيحة جاهداً ... ومات كلانا والقلوب صخور

فكم قيل عن كهف المساكين باطل ... وكم قيل عن شيخ المعرة زور

وما صدر عن فعل الأذى قول مرسل ... ولا راع مفتون الحياة نذير

حافظ إبراهيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015