في المكتبة الأحمدية التي نوهت مجلة المقتبس في ذك الجزء بذكرها وذكرت بعضاً من نفائس كتبها فدعاني ذلك أن أستفتح المكتبة وأعيد النظر إلى هذا الكتاب وأكتب شيئاً عنه تبشيراً لعشاق العلم في هذه البلاد بلغة الناطقين بالضاد لعلهم يسعون في طبعه وتقتبسون من غر فوائده.
أوله بعد البسملة.
قال عبد الرحمن بن عمر المعروف بأبي الحسن الصوفي بعد أن حمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله المصطفى وآله (أما بعد) فأني رأيت كثيراً من الناس يخوضون في طلب معرفة الكواكب الثابتة في مواضعها من الفلك وصورها ووجدتهم على فرقتين إحداهما تسلك طريقة المنجمين ومعولها على كرات مصورة من عمل من لم يعرف الكواكب بأعينها وإنما عولوا على ما وجدوا في الكتب من أطوالها وعروضها فرسموها في الكرة من غير معرفة خطئها وصوابها فإذا تأمل بعض من يعرف فيها وجد بعضها مخالف ف النظم والتأليف لما في السماء أو على ما وجد من الزيجات وادعى المؤلف أنهم قد رصدوها ورفوا مواضعها وإنما عمدوا إلى الكواكب المشهورة التي يعرفها كثير من الخاص والعام مثل عين الثور وقلب الأسد والسماك الأعزل والثلثة التي في جبهة العقرب وقلب العقرب وهذه الكواكب هي التي ذكرها بطليموس أنه رصدها بأطوالها وعروضها وأثبتها في كتابه المعروف بالمجسطي لقربها من منطقة فلك البروج فرصدوها وأثبتوا مواضعها في وقت أرصادهم ثم قال بعد كلام طويل:
وأما الفرقة الأخرى فقد سلكت طريقة العرب في معرفة الأنواء ومنازل القمر ومعولهم على ما وجدت في الكتب المؤلفة في هذا المعنى ووجدناه في الأنواء كتباً كثيرة أتمها وأكملها في فنه كتاب أبي حنيفة الدينوري فإنه يدل على معرفة تامة بالأخبار الواردة عن العرب في ذلك وأشعارها وأسجاعها فوق معرفة غير ممن ألفوا الكتب في هذا ال فن ولا أدري كيف كانت معرفته بالكواكب على مذهب العرب عياناً فإنه يحكى عن ابن الإعرابي وابن كنانة وغيرهما أشياء كثيرة من أمر الكواكب يدل على قلة معرفتهم بها وأن أبا حنيفة لو عرف الكواكب لم يسند الخطأ إليهم ثم كل من عرف من الفرقتين إحدى الطريقتين لم يعرف الأخرى وألف في كتابه أشياء من غير الفن الي أخذ فيه نادى على نفسه بها بالخطأ وخفة