ولكن التجار في البلاد الراقية لا يعتمدون في ترقية التجارة الوطنية إلا عَلَى أنفسهم ولا يستغني تجار الأمم النازلة عن هذا العضد عَلَى أن موظفي الحكومة لا يعلمون حق العلم ولا يستطيعون أن يعلموا كنه التجارة وسير أعمالها. فكيف يصح ن يقودوا التجار وهم أحوج إلى قيادتهم وآراءهم المؤيدة بالاختبار الصحيح والتجارب المتواصلة.
وقصارى القول فلا يجد بالحكومة أن تعين وجهة سير التجارة بين بلادها والبلاد الأجنبية وإن فعلت لا تصلح خطأ أوجبه تداخلها حتى تقع في مثله ومن المحتم عَلَى الحكومة أن تشاور من هم أحق بالمشورة في شن الشرائع والأنظمة الداخلية وتعيين خطتاه في المشاريع العمرانية ووضع الضرائب التي لها علاقة بالتجارة والقيام بكل ما له مساس بالمصالح الاقتصادية وألا تقع في حيص بيص فلا تنطبق شرائعها عَلَى حاجيات الأمة ولا تلاءم الأحوال الاقتصادية وتحول دون ارتقاء البلاد من حيث العمران وتخنق الروح التجارية بالتعديل الذي تحدثه في أصول الضرائب. وبعد فإن المعهد الذي يهدي الحكومة إلى المحجة المثلى في مجرى أعمالها ويقوم بكثير من الواجبات التي ترتفع بها مكانة التجارة الوطنية هي الغرفة التجارية.
أخذت الطبقات الاقتصادية في الأمم التي نالت حريتها السياسية واحتفظت هي ونوابها بحق التشريع تسعى لترقية الأوضاع التي يؤلفها المنتخبون بالفتح من بينهم ليدافعوا عن منافع الطبقات الاقتصادية وكان لهذه الحركة الاقتصادية ثمرات عظيمة تعود عَلَى الأفراد والأمة بالنفع العميم ولما كان أعضاء هذه الأوضاع غرف التجارة والزراعة والصناعة يمثلون الطبقات الاقتصادية عامة أصبحت كلمتهم نافذة عن وكليهم والحكومة تحترم آراءهم وأقوالهم وتصيخ إلى مطاليبهم لأنهم أمناء الزراع والصناع والتجار وعمدتهم ولهم اطلاع عَلَى حاجات البلاد مهما تنوعت وتضاربت فيؤلفون بينها ويجمعونها حول مركز واحد.
ومن المسلم أنه لا تعتمد في الشؤون الحيوية إلا عَلَى ذوي العلاقات بالمناهج الحيوية ولذلك يستفاد من آراء أرباب الصناعات في الصناعة ومن التجار في آرائهم في التجارة. ولما كان الرجوع في كل مسألة إلى عامة التجار والصناع متعذراً اقتضت الحال أن تعتبر هذه الغرف والأندية التي حاز أعضاؤها الثقة العامة مرجعاً وآراء هذه الأندية تعتبر كآراء عامة أفراد الطبقات الاقتصادية. والحكومة تعلم حق العلم أن موكلي رجال هذه الأوضاع