غالب الناس من أهالي ذلك المحل حتى بلغوا العدد الكثير فلما قربوا من الحي ترفع أهله في منازلهم وفر من كان في الدار المقصودة من كبير وصغير طالبين للنجاة بأنفسهم فلما وصل أولئك النفر المغضوب (عليهم) ومن معهم من المنافقين الذين انضموا إليهم كسروا الأبواب وهجموا على الدار وانتبهوا وضربوا وأفسدوا إفساداً ما سمع بمثله وأصبحوا ماكثين في دمشق لا يهابون أحداً فخرج إليهم نائب الوالي والأعيان والموالي فتلقوهم بالحرب والضرب وقتل جماعة وجرح آخرون ورجع النائب ومن معه منهزمين ومكث أولئك النفر الأشقياء بدمشق ريثما بلغوا إربهم من سلب واغتصاب وتهكم وتحكم لا يردهم عن ذلك أحد ولا يهابون أحداً. . . . .
قال: ولقد حقق الله تعالى جميع نما نطقت به هذه القصيدة من الظفر بأولئك النفر المفسدين والطافة المعتدين المارقين من الدين على يد والٍ آخر غير ذلك الوالي المذكور في ترجمة هذه القصة قد عينه السلطان وولاه دمشق لأجلهم بسبب فتنة أضرموا في الشام نارها وأثاروا غبارها وأفسدوا إفساداً فظيعاً فقتلوا وخربوا واستلبوا وانتهبوا وأحرقوا الدور والأماكن وحركوا من الشرور كل ساكن وتجاهروا بالفواحش وارتكبوا كل أمر مخالف للدين فاحش وأعلنوا الفطر في شهر رمضان على رؤوس الأشهاد وتعطلت الأسواق والمعاملات بسببهم في دمشق قريباً من سنة لا تقام جميع ولا يسمع أذان ولا يفتح جامع ولا يمكن أحد أن يخرج من منزله لحاجة ولا لغيرها لفسادهم وإفسادهم وتعديهم على الخاص والعام وإنما كان سبب تمكنهم من ذلك عدم وال في الشام فإن واليها كان قد خرج منها إلى الحج أميراً ففي رجوعه من الحج عارضه العربان في أثناء الطريق ففر منهزماً بعد أن أعجزوه وانتهبوا قافلة الحاج بأسرها بعد ن كانوا انتهبوا جردة الحاج وقتلوا من الجردة والحاج الجم الغفير. . . فهذا كان سبب تمكنهم من إقامة الشرور والفتن فجاءهم بعد ذلك هذا الوالي المذكور ثانياً وقتل منهم من قدر عليه وفر منهم من فر منهزماً وسلب دورهم ومتاعهم وأثاثهم ووجه أخبارهم وتركهم أذل من اليهود وأحقر من الذباب وأوهن من الكلاب ولحق دمشق وأهلها من ذلك الوالي وحاشيته وجنده أسوأ السوء بسبب قيامهم على أولئك الأشقياء وانتهبت غالب المنازل في دمشق وقتل خلق كثير من البراء وتوطن هذا الجند الكثير من دور الناس وأخرجوا أهلها منها عنفاً وجبراً وقسراً وظهر من أباع