قبلها شيء بحيث لو أمكنكم أن تحذفوا مذ الآن من كل معاجم الأرض ما حوته من الألفاظ الدالة على الخلق والإبداع والصمدانية والقدرة والبعث والخلود لفعلتم.
فيا أسفاً على الهمجية إذا كان مأتاكم هذا من نتاج المدنية ويا حسرة على الجهالة إن كان ذلك من مستلزمات العلم. أفتتركون ألفاً وستمائة مليون من الناس حائرين بائرين لا يدرون بم يعتقدون وأي جهة ينتحون فلا رأيكم تثبتون ولا عن قولكم ترجعون!!؟؟.
تالله إننا معكم لفي صفقة مغبون وما أنتم إلا غادرون وإلا فما هذا التغرير الذي يجعل كلاً من أفراد هذا المجتمع القومي يحيا بلا ضمير يسرق مستتراً ويثلب متخفياً ويقتل متوارياً وينتحر قانطاً وما عليه من وجدانه قيم ولا من دينه زاجر ولا في الآخرة على زعمه من نكير!!!
لعمرك أن العامي الذي لا يتوقع في الآخرة عن عمله حسابا ولا يرجو عن حسناته ثواباً ولا يخشى مهما تعددت سيئاته وتعاظمت كبائره عقاباً إلا إذا كانت مشهودة من الأنام مثبتة لدى الحكام ثم يحسب ذاته في هذه الحياة الدنيا كالنبات الفطري حتى إذا مات لم يعد شيئاً مذكوراً. لا يلبث أن يكون لعنة على الأرض وسخطاً من السماء لا يحفل بالمحظور والمباح ولا يبالي بالحلال والحرام بل يقضم الأخضر واليابس ويجتاح العامر والغامر وهو يقول على الدنيا السلام.
فالعالم حريص على منفعة بني نوعه الدائب على خير قومه وبلاده من اشتغل بما يريد من أنواع العلم ما يشاء على ما يشاء وأن يعتقد لنفسه بنفسه ما أحب كيفما يحب لكن على شريطة أن ينشط لتمتين أوتاد العقائد وتأليف شوارد المذاهب مع تنزيهها عما لحقها من الزوائد ولصق ببعضها من الخرافات تاركاً للجاهل وازعاً من دينه يجنبه الموبقات ورادعاً من ضميره ينكبه المنكرات وما ضر العاقل أن يكون ذا دين مثله مادام الدين لا يكلفه الشطط ولا يعنته بكثرة التكاليف وقد أباحه من طريق الحلال كل ما منعه عن طريق الحرام فلا يقفل في وجوه ملاذه وأمانيه الأبواب ولا يطالبه بأكثر مما يتقاضاه العقل ويرضى به الصواب.
إن صح قولكما فلست بخاسر ... أو صح قولي فالوبال عليكما
أو على الأقل يترك الأديان وشأنها والعقائد وحالها يتحارسها زعماؤها ويصونها أئمتها