عشر نوعاً من الأعناب وهي متوسطة بين الأنبار وحلب وتكريت والموصل وسنجار والجزيرة وبينها وبين قصر الرصافة مسيرة أربعة أيام ورحلنا من الرصافة إلى حلب في أربع رحلات وهي بلد مسور بالحجر البيض فيها ستة أبواب وفي جانب السور قلعة أعلاها مسجد وكنيستان وفي إحداهما مكان المذبح الذي كان يقرب عليه إبراهيم عليه السلام وفي أسفل القلعة مغارة كان يخبأ فيها غنمه وإذا حلبها أضاف بلبنها الناس فكانوا يقولون حلب أم لا ويسأل بعضهم بعضاً عن ذلك فسميت حلب وفي البلد جامع وست بيع وبيمارستان صغير والفقهاء يفتون على مذهب الإمامية وشرب أهل البلد من صهاريج وعلى بابه نهر يعرف بقويق يمد في الشتاء وينضب في الصيف وفي وسط البلد علوة صاحبة البحتري وهو قليل الفاكهة والبقول والنبيذ إلا ما يأتيه من الروم (الأناضول) وما بحلب موضع خراب ومنه خرجنا من حلب طالبين إنطاكية وبين حلب وبينها يوم وليلة فبتنا في بلدة للروم تعرف بعم فيها عين جارية يصاد منها السمك ويدور عليها رحى وفيها من الخنازير والنساء والعواهر والزنا والخمور أمر عظيم وفيها أربع كنائس وجامع يؤذن فيه سراً والمسافة التي بين حلب وإنطاكية لأرض ما فيها خراب أصلاً إلا أرض زرع للحنطة والشعير بجنب شجر الزيتون وقراها متصلة ورياضها مزهرة ممياهها متفجرة وإنطاكية بلد عظيم ذو سور وفيصل ولسوره ثلثمائة وستون برجاً يطوف عليها بنوبة أربعة آلاف حارس ينفذون من القسطنطينية من حضرة الملك فيضمنون حراسة البلد سنة ويستبدل بهم في الثانية وشكل البلد كنصف دائرة قطرها يتصل بجبل والسور يصعد من الجبل إلى قلته ويستتم دائرة وفي رأس الجبل داخل السور قلعة تبين لبعدها من البلد صغيرة وهذا الجبل يستر عنها الشمس فلا تطلع عليها إلا في الساعة الثانية وللسور المحيط بها دون الجبل خمسة أبواب وفي وسطها قلعة القسياني وكانت دار قسيان الملك الذي أحيا ولده بطرس رئيس الحواريين وهو هيكل طوله مائة خطوة وعرضه ثمانون وعليه كنيسة على أساطين ودائر الهيكل أروقة يجلس فيها القضاة للحكومة ومعلمو النحو واللغة وعلى أحد أبواب هذه الكنيسة فنجان الساعات يعمل ليلاً ونهاراً دائماً اثنتي عشرة ساعة وهو من عجائب الدنيا وفي أعلاه خمس طبقات في الخامسة منها حمامات وبساتين ومقاصير حسنة وتخر مكنها المياه وهناك من الكنائس ما لا يحد كثرة كلها معمولة بالفص