يجيبهم به إذا كان لا يعرف رأيه في أهل الذمة وعلمه أن الرسم في بيمارستان الحضرة قد جرى للملي والذمي. فوقع الوزير توقيعاً نسخته: فهمت ما كتبت به أكرمك الله وليس بيننا خلاف في أن معالجة أهل الذمة والبهائم صواب ولكن الذي يجب تقديمه والعمل به معالجة الناس قبل البهائم والمسلمين قبل أهل الذمة فإذا فضل عن المسلمين ما لا يحتاجون إليه صرف في الطبقة التي بعدهم فاعمل أكرمك الله على ذلك واكتب إلى أصحابك به ووصي بالتنقل في القرى والمواضع التي فيها الأوباء الكثيرة والأمراض الفاشية وإن لم يجدوا بذرقة توقفوا عن المسير حتى يصيح لهم الطريق ويصلح السبيل فإنهم إذا فعلوا هذا وفقوا إن شاء الله تعالى اهـ.
وفي هذه الرسائل الثلاث نموذج مهم من الكتابة الرسمية في أوائل مدة العباسيين ودليل على ما بلغته الحضارة في عهدهم أيام كان الطب في جملة ما يعنى به حتى أن سنان ابن ثابت أحصى الأطباء في بغداد ولم يرخص لأحدهم أن يطبب إلا إذا أخذ شهادة بكفاءته وكذلك فعلوا مع الصيادلة حتى لا تؤتى الأمة من جهة الطب أبدانها كما حاذر الخلفاء أن لا تؤتى من قبل أديانها.
وكما تجد المحاسن ماثلة في أخبار الحكماء ترى المساوئ كذلك كالتي ذكره في ترجمة عبد السلام بن عبد القادر الجيلي المعروف بالركن قال: كان عبد السلام هذا قد قرأ علوم الأوائل وأجادها واقتنى كتباً كثيرةً في هذا النوع واشتهر بهذا الشأن شهرة تامة وله تقدم في الدولة الإمامية الناصرية وحصل له بتقدمه حسد أرباب الشر فثلبه أحدهم بأنه معطل وأنه يرجع إلى أقوال أهل الفلسفة في قواعد هذا الشأن فأوقعت الحفظة عليه وعلى كتبه فوجد فيها الكثير من علوم القوم وبرزت الأوامر الناصرية بإخراجها إلى موضع ببغداد يعرف بالرحبة وأن تحرق بحضور الجمع الجم منها ففعل ذلك وأحضر لها عبيد الله التميمي البكري المعروف بابن المرستانية وجعل له منبر صعد عليه وخطب خطبة لعن فيها الفلاسفة ومن يقول بقولهم وذكر الركن عبد السلام هذا بشر وكان يخرج الكتب التي له كتاباً كتاباً فيتكلم عليه ويبالغ في ذمه وذم مصنفه ثم يلقيه من يده لمن يلقيه في النار اهـ.
ومثلما نقله من الفقرات في ترجمة موسى بن ميمون الإسرائيلي الأندلسي لما نادى عبد المؤمن بن علي الكومي البربري المستولي على المغرب البلاد التي ملكها بإخراج