علا فلا يوصل إليه إلا بعد جفافه فلا يمكن زرعه فيذهب بذلك فعل كثير ولما علم أرشميدس بذلك في زمنه قاس أراضي أكثر القرى على اعلى ما يكون من النيل وأردم ردوماً وبنى عليها القرى وعمل الجسورة ما بين القرى وفي أواسط الجسورة قناطر ينفذ الماء منها من أرض قرية إلى أخرى فزرع كل واحد منهم الزرع في وقته من غير فوات ووقف من كل ضيعة أرضاً معينة يصرف مغلها في كل سنة إلى إصلاح هذه الجسورة فهي إلى الآن معلومة ولها ديوان مفرد بمصر يعرف بديوان مدن الجسورة وعليها احتراز كثير وعناية كثيرة وأعرف وأنا طفل وقد أضفيت هذه الجهة بالأعمال الشرقية من جوف مصر إلى والدي رحمه الله وله نواب وضمان ومشدون كان العمل فيها أتعب من جميع الأعمال اهـ.
ومثل قوله في ترجمة جالينوس الحكيم بأن أنطونيوس قيصر ملك اثنتي عشرة سنة وبنى مدينة إيليوبوليس وهي مدينة بعلبك أي أصلحها وقال في ترجمة سنان بن ثابت بن قرة الحراني ما نصه: وكانت منزلة سنان كبيرة عند الأمراء والوزراء فمن ذلك أن الوزير علي بن عيسى بن الجراح وقع إليه في سنة كثرت فيها الأمراض والأوباء توقيعاً نسخته: فكرت مد الله في عمرك في امر من في الحبوس وأنهم لا يخلون مع كثرة عددهم وجفاء أماكنهم أن تنالهم الأمراض وهم معوقون من التصرف في منافعهم ولقاء من يشاورونه من الأطباء في أمراضهم فينبغي أكرمك الله أن تفرد لهم أطباء يدخلون إليهم في كل يوم ويحملون معهم الأدوية الأشربة وما يحتاجون إليه من المزورات وتتقدموا إليهم بأن يدخلوا سائر الحبوس يعالجوا من فيها من المرضى ويريحوا عللهم فيما يصنفونه لهم إن شاء الله تعالى. ففعل سنان ذلك ثم وقع إليه توقيعاً آخر: فكرت فيمن بالسواد من أهله وأنه لا يخ لو من أن يكون فيه مرضى ولا يشرف متطبب عليهم لخلو السواد من الأطباء فتقدم مد اله في عمرك بإنفاذ متطببين وخزانة من الأدوية والأشربة يطوفون في السواد ويقيمون في كل صقع منه مدة ما تدعو الحاجة إلى مقامهم ويعالجون فيه ثم ينقلون إلى غيره. ففعل سنان ذلك وانتهى أصحابه إلى سورا والغالب على أهلها اليهود فكتب سنان إلى الوزير علي بن عيسى يعرفه ورود كتب أصحابه عليه من السواد بأن أكثر من بسورا ونهر ملك يهود وأنهم استأذنوا في المقام عليهم وعلاجهم أو الانصراف عنهم إلى غيرهم وأنه لا يعلم بما