نحلة كان أن الحرية أن لا تراعي أخاك ولا أباك فيما تعتقد صحته قال:
الإلحاد مضر بالصحة فهو لا شك ينفخ الصدر ولكنه يضعف القلب ويصغر الرئتين. أقول هذا عن اختبار ولا أقول أكثر من ذلك ليعلم القارئ فكره. إذاً الإلحاد مضر بالصحة ومهما قلتم لا أوضح. اختبروا لأنفسكم إن شئتم ولكن إياكم والتطوح وإذا كنتم لا تعرفون الحدود فالأجدر بكم ألا تجربوا لئلا تتملك فيكم جراثيم المرض وإذا كانت معدتكم ضعيفة فإياكم فلتر.
وبعد أن أفاض في مزايا هذا الفيلسوف ومآتيه ومنازعه وآخذه على روايته التعصب التي طعن فيها على الإسلام وأهداها إلى البابا فقبلها هذا بكل سرور وبعث إلى فلتر كتاباً لطيفاً أثنى فيه على غيرته (بخ بخ) وانتقد بعض أبيات الرواية الشعرية فأجابه فلتر متجاملاً على عادته في مثل هذه الأمور أنك لا شك معصوم عن الغلط في المسائل الأدبية أيضاً (زه ثم زه) هكذا تبادل الاثنان عواطف الولاء الكاذب وانتصر فلتر على أعدائه اليسوعيين وأنصارهم ولا يخفى على القارئ اللبيب ما في هذا العمل من السياسة والحيلة والمر ناهيك بأن الكاتب أخطأ في انتقاده الدين الإسلامي وفي تحامله المنكر على مؤسسه العظيم. . . .
وهذه النموذجات كافية في بيان فضل هذا التأليف النفيس ومنزلة أبي عذره من سلامة الفطرة وبعد الغور والنظر فله منا الشكر على ما أتحف به عالم الآداب من هذا السفر الجديد في وضعه وطبعه.
إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب
المعروف بمعجم الأدباء أو طبقات الأدباء لياقوت الحموي
نشر الأستاذ مرجيلوث أستاذ اللغة العربية في كلية أكسفورد القسم الأول من الجزء الثالث من هذا السفر الذي يطبع على نفقة أسرة جيب الإنكليزية وفي هذا الجزء 44 ترجمة من حرف الحاء وفيه من الأعلام ترجمة السيرافي وابن رشيق وأبي هلال العسكري والإسكافي وابن مقلة وغيرهم وطرف من أخبارهم ومنثورهم ومنظومهم وأكثر مما لم ينشر بالطبع حتى الآن فسد بذلك فراغاً مهماً في آداب العربية. وإنا لنكرر الشكر للأستاذ مرجيلوث لغيرته على آدابنا أكثر من غيرتنا أنفسنا ونرجو أن يوفق إلى إتمامه على ما يحب ويحب عشاق العلم المولعون بإحياءِ آثار السلف.