مجله المقتبس (صفحة 3254)

والبعال فإذا عرض لها أمر يستوجب الإنباء_وهو مما يحدث كل يوم_قصرت في الأداء وتلكأت في الكلام وسعلت وتنحنحت وتسامجت ما شاءت ولم تقو على الإفهام وإن سئلت عن شيء أجابت بلا أدري أو هذرت بجواب لم يكن من لحمة السؤال ولا من سداه. فمن كانت على هذا الطرز_وما عدد أمثالها عندنا بقليل_أحر بها أن تكون عند أذكياء الرجال وأرباب الذوق والفضل ساقطة المنزلة ساقطة القدر رخيصة القيمة تفضلها الشخوص وتمتاز عنها الصور لأن هذه تمتع الأعين بجمالها ولا تضر النفوس أما تلك فإنها تورث الكراهة وتمني بالضجر وتبلي المنازل خاصة والمجتمع القومي عامة بأدواء من الهموم والموبقات تذهب بالأمم إلى أقصى الدركات.

أجل وليس من ينكر أنك لتراها بادئ الأمر فتستحسنها لنقاء بشرتها وسواد حدقتها واعتدال قوامها وغضاضة جسدها وبضاضته وجدله والتفافه ثم تسمع كلامها الدال على جهلها وغباوتها المؤذن بقصر إدراكها وسذاجة قلبها وظلام ذاكرتها فتزدريها وتستهجنها وينبذها قلبك نبذ النواة ويطرحها ذكرك طرح القذاة لأنها لا تصلح للمؤانسة وترويح الهموم ولا ترجى للاستشارة وتسديد الرأي ولا تنفع للأمومة بأتم معانيها وللتربية وتدبير المنازل بكل ما يراد من هذين الواجبين بحكم العقل والصواب ومن كان هذا شأنها كانت سخطاً على النوع الإنساني ونيراً ثقيلاً على عاتق الوجود وكل أمة تقلص ظل مجدها ونضب معين رخائها ونزفت مواد قواها وتقطعت أسباب منعتها وعزتها وهنائها إنما نساؤها على تلك الشاكلة ولقد صدق من قال إن التي تهز السرير بيمينها تهز العالم بيسراها.

فيا حبذا لو اقتدى كبراؤنا وأعظامنا بمن درجوا قبلهم من أساطين الأمة وسراة أعلامها وصرفوا العناية إلى تعليم أولئك اللواتي لا يسمين بحق أوانس إلا إذا كن بالفعل نزهة المجالس ولا يقال لهن عقائل ما لم يكن بالحقيقة أرباب علم وأدب وتهذيب وفضائل فإن الناس على دين ملوكهم والعامة تقتدي بأعيانها فلإن أحسن هؤلاء الابتداء أحسن الاقتداء والعكس بالعكس سنة الله في الخلق منذ حلت الحضارة محل البداوة وقام التهذيب مقام الفطرة وأصبح البشر درجات ومراتب وطبقات.

نقول هذا توطئة وتمهيداص لما نذكره الآن من ترجمة ابنة خليفة وأخت ثلاثة خلفاء وعمة ثلاثة وهي (علية بنت المهدي) التي عني قومها بتعليمها وتأديبها وتنوير عقلها وتوسيع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015