مجله المقتبس (صفحة 3213)

أعمال البلجيك وهو رفيق بك بيضون من بيروت والآخر في كرنيون من أعمال باريز في مدرسة كرنيون الزراعية واسمه مصطفى أفندي الكيلاني من حماة. كلاهما من أبناء الأعيان ولهما أراض ومزارع فنعماً عملا بالاختصاص بهذا الفن الشريف المفيد ولكن أليس في أبناء سورية بل البلاد العربية أحد من أبناء الأعيان يملك أراضي وقرى غير هذين الشابين؟ بلى إن المالكين كثار ولكن محبي الدرس قلائل! هذا في فن الزراعة فمتى يقوم أناس لتعلم الكهربائية ومد الخطوط الحديدية والهندسة العملية والصناعات الحديدية واليدوية والتجارة وغير ذلك مما نحن فيه عيال عَلَى الأوربيين.

زرت مدرسة كريون الزراعية وهي عَلَى مسافة ساعة من باريز فرأيت شعارها مكتوباً بقلم غليظ في مكتبتها بما معناه: الأرض هي الوطن ومن توفر عَلَى تحسينها يخدم وطنه ولكن قومي غفر اتلله لهم يحتقرون هذا الفن فيما أرى. فإن كنا نختلف في البديهيات فمتى نتفق في غيرها؟

زرت كرنيون ورأيت فيها عبد القادر الكيلاني يلبس مشلح الزراع ويدرس كما يدرس أبناء الأعيان في فرنسا ويجاريهم في ذكائه وأطلعني عَلَى عَلَى ما في مدرسته من متاحف ومعارض واصطبلات وحظائر لتربية الماشية وحدائق لغرس النبات والبقول وغابات للنزهة والانتفاع وأدوات للعمل وحرث الأرض وكرثها.

رأيت كل هذا وأكبرته وقلت في نفسي لو حذا السوريون في الزراعة وتربية الماشية حذو الفرنسيس فيها وتربتهم تلاءم تربتنا وأقاليمهم أشبه بأقاليمنا لاغتنينا غنى يغنينا عن الهجرة وتطلب الوظائف الاتكالية فقد ذكروا لي أن خروفاً علفته إدارة المدرسة سنتين عَلَى الطريقة العلمية فبيع في أحد المعارض بسبعين ليرة. فأين خرفاننا التي يباع الواحد منها بسبع ليرات. مهما علفناها بجهلنا وبساطتنا وأطعمناها السمسم المقشر أو الشيح والقيصوم والعرار والعرعر.

ولكن الآمال معقودة بأن نعلف خرافنا عَلَى طريقتهم ونستثمر تربتنا عَلَى أصولهم نربي عقولنا عَلَى مناحيهم ونطبع دوابنا وماشيتنا بحسب سنتهم فيكون إذ ذاك أبناء عبد القادر في التوفر عَلَى زكاء التربة في نفعهم لهذه الأمة عَلَى مستوى جدهم الذي زكى النفوس في عصره. وتزكية التربة لا تقل عن تزكية التربية والمآل واحد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015