الدولة أكثر من عجبي بذلاقة لسان فقد تكلم عَلَى علاقة فرنسا بالشرق ولاسيما الدولة العلية فقال أن فرنسا صاحبة الفكر الأول في الحروب الصليبية قد أتى عليها زمن حالفت فيه الدولة العلية أيام قوتها لتستخدمها لأغراضها وقد جنى الفرنسيس ثمار هذا الوفاق ثم لما مضت سنون والدولة لم تر خيراً لها من تلك المحالفة نزعت يدها من يد حليفتها ثم عادت فرنسا فبعثت أبناءها إلى القريم ليحابوا مع الإنكليز والعثمانيين جيوش الروس لأن مصلحتها اقتضت إذ ذاك وأفاض في نشأة الامتيازات الأجنبية في البلاد المصرية والعثمانية وقال أن فرنسا في كل دور من أدوارها استخدمت الدولة العلية لمقاصدها وأن لها اليد الطولى في المسألة الشرقية أي استقلال بلاد البلقان واليونان وأنها لا تقصر كل حين في بتر عضو من أعضاء هذه الدولة حتى تموت وتفنى.
فيا أخواني وسادتي أيسمع عثماني هذا الكلام ولا يجهش نفسه بالبكاء ولا تذوب كمداً وحسرة وتسود الدنيا في عينيه؟
هذا بعض ما يعده الغرب للشرق فمإذا يعد الشرق للغرب؟
نحن يا قوم لا نحفظ كياننا ولا نحتفظ بلغتنا وديننا وآدابنا إلا إذا قاتلنا من يريدون قتالنا بالسيف الذي يقاتلونا به. وأعني به سيف العلم. نحن يقضى علينا أن نأخذ من تلك المدنية الغربية التي تدهشنا مكل ما ينفعنا لقيام مجتمعنا نأخذ عن رجال العلم منهم ونحتك بهم زمناً لنستفيد ونعرف الطرق التي يجب علينا سلوكها.
رأيت الدولة بعد انقلابنا الأخير بعثت بزمرة من الطلبة العثمانيين ليدرسوا في مدارس أوربا ولاسيما في مدارس باريز فقدرت عددهم قليلاً جداً بالنسبة لمجموع هذه الأمة. وإني لأخجل أن أقول لكم أن عدد الطلبة البلغاريين في روسيا وألمانيا والنمسا وفرنسا والبلجيك وإنكلترا أكثر من عدد الطلبة العثمانيين وإياكم أن تظنوا أن جميع طلبة الأجانب تبعث بهم حكوماتهم ليدرسوا عَلَى نفقتها بل إن لهمم الأفراد شأناً عظيماً في هذا الباب وكثيراً ما ينفق الطالب من مال أبيه عن سعة حتى لا يتم دروسه إلا وقد أتى عَلَى آخر فلس مما عنده وهو مغتبط بما صنع لأنه أحرز رأس مال ثمين لا يقدر بالملايين والكرات وعاد وهو يعرف كيف يخدم أمته وبلاده.
نحن مقصون كل القصور في إرسال أبنائنا إلى ديار الغربة يلتقطون درر العلم من بحار