قانون (بيلت) من (بيله) الفرنسوية أي تذكرة و (باشور) من (باسور) أي جواز و (مدال) من ميدال أي نوط ولا تكاد الآن تفتح جريدة مثل ترجمان التي تصدر في بعجه سراي وترقي التي تصدر في باكو وجريدة قازان مخبري إلا وتدهش مما تراه من كثرة الألفاظ الروسية أو المصبوغة بالصبغة الروسية لأن كثيراً منها من أصل فرنسوي أو ألماني أو إيطالي.
إذا عرفت من هذا فما هو مستقبل اللغة التركية؟ إنا نشهد الآن لجنة المعارف العمومية في مجلس النواب الروسي تعنى بالكتب المؤلفة باللغة المحلية للمدارس وقد رفضت الاستعاضة عن اللفظ التتري باللفظ التركي وذلك ليحولوا دون الجامعة التركيةز ولكن من أين نشأت هذه المخاوف؟
نشأت من كون جميع العناصر التركية مهما كانت لهجتهم من الآستانة حتى سمرقند يريدون أن يتعارفوا ويتفاهموا وإنا لنجد الصحف العثمانية تقرأ في روسيا كثيراً والصحافة التترية تتخذها نموذجاً تحتذيه حتى ولو كان ما يقتبسونه منها من المولد مأخوذاً من أصل أوربي ولا يجب أن يفوتنا أن كثيراً من الألفاظ الفرنسوية قد سرت إلى اللغة التترية بواسطة اللغة الروسية ولكن ما جاء منها من طريق اللغة العثمانية أوفر عدداً.
ولقد أصبح من الظرف في البلاد العثمانية منذ بضع سنين أن تحتقر اللهجات الشرقية وينظر إليها كما ينظر إلى ما يسمونه قبا ترك أي التركي الغليظ وشغف القوم بالرجوع إلى لغة النيفا وسلطان بابر القديمة الغنية التي افتقرت وتبدلت أوضاعها بما دهمها من الألفاظ العربية والفارسية أولاً والألفاظ الإفرنجية ثانياً فالقوم فيها يبحثون في حذف جميع هذه الألفاظ ليستعيضوا عنها بما يقابلها من الألفاظ التركية التي نسيت منذ عهد بعيد وهي أكثر التئاماً مع روح اللغة. وأصبح لهذه الحركة شأن عظيم بما توفر عليه القائمون بطرح الألفاظ الدخيلة عَلَى التركية من الأبحاث اللغوية المهم أكثرها كأبحاث العلماء أمثال القائم مقام نجيب عاصم بك والمقالات الكثيرة التي نشرت في جرائد وتأسيس الجمعيات لهذا الغرض مثل جمعية (ترك درنكي) أي المنتدى التركي وغرضه درس أصول اللغة التركية وإحياء ما عاث فيه البلى من الألفاظ ويقول المسيو هارتمان أحد علماء المشرقيات أنه يرجى أن تكون لهذه الحركة نتائج حسنة.