الحقيقة من يدعون أن البهلوية لا تختلف إلا في الخط.
وقد تبدل كل شيء في الفتح الإسلامي فدخ لت عَلَى اللغة الفارسية ألفاظ سامية جديدة ومنها العربي التي هي تعابير دينية وألفاظ مجردة وأخذوا يكتبونها بألف باء العرب وهذا هو أصل الفارسي الحديث. ولكن هذا التحول طال أمره حتى أن الفردوسي كتب في القرن العاشر كتابه الشاهنامة وهي قصة أبطال فارس بدون أن يستعمل الألفاظ العربية وهذا يدل عَلَى مقدرة يصعب تقليدها اليوم وإن كان بعض العلماء يقدرون عَلَى كتابة مكاتيب مطولة ومقالات جرائد مقتصرين فقط عَلَى الألفاظ الإيرانية ولكن من إدغام اللغة الفارسية بالألفاظ العربية نشأت اللهجة الفارسية الحالية.
ولقد كان الفرس والأتراك أو التتار في القرون الوسطى الكثير من العلائق التي أبقت أثراً منها في اللغة وسرت بعض الألفاظ التركية إلى الفارسية منذ قرون ومن جملها ما ذكر أرمينوس فمبرى من الألفاظ المستعملة في الفارسية وهي من أصل تركي مثل سالار قائد وخواجه معلم أو أستاذ. وسرى إليها بعض الألقاب وأسماء الوظائف مثل آغا وبك وخان وباشي (زعيم) التي كثيراً ما نراها متصلة بألفاظ فارسية مثل متولي باشي وهو اسم لقب ديني وده باشي زعيم عشرة (أون باشي) أما سائر اللهجات المحكية في فارس كالآرامية ولغات الشعوب القافقاسية الخاضعة للحكم الفارسي فلم تتأثر حتى أوائل القرن التاسع عشر بالمؤثرات الفارسية وهكذا في اللغة الهندستانية عَلَى كثرة الصلات الموجودة بين فارس والهند فالواجب مع هذا أن لا نغفل عن لفظة لك مئة ألف وكورور خمسمائة ألف وتشاب طبع أو مطبوعات وتنوب هذه عن لفظة طبع العربية وهي لفظة حديثة العهد.
هذا ما يقال في الدور الذي سبق الدور الذي صار لفارس صلات مع أوربا في أوائل القرن الماضي. وبعد ذاك الدور هاجمت الألفاظ الأجنبية اللغة ولم تكن هذه الألفاظ مأخوذة عن أقرب الأمم من فارس كما كان المنتظر ولا من أكثرهن نفوذاً فيها من حيث السياسة والاقتصاد بل إن اللغة الفرنسوية هي التي دخلت عَلَى أهل الجيل الحاضر بأفكارها ومصطلحاتها اللازمة للتعبير عن الألفاظ الحديثة في الشرق.
بحث في هذا الموضوع أحد كبار رجال فارس المرزا علي خان ذكاء الملك مدير مدرسة السياسة في طهران في محاضرة له ألقاها في مدرسة الاتحاد الإسرائيلي في عاصمة إيران