له نسب الأنسي يعرف نجله ... وللجن منه خلقه وشمائله
ومما زادهم في هذا الباب وأغراهم به ومد لهم فيه أنه ليس يلقون بهذه الشعار وبهذه الأخبار إلا أعرابياً مثلهم والأغبياء لم يأخذ نفسه قط لتمييز ما يوجب التكذيب والتصديق أو الشك ولم يسلك سبيل التوقف والتثبت في هذه الأجناس قط_وأما أن يلقوا رواية شعر أو صاحب خبر فالرواية عندهم كلما كان الأعرابي أكذب في شعره كان أظرف عندهم وصارت روايته أغلب ومضاحيك حديثه أكثر فلذلك صار بعضهم يدعي رؤية الغول أو قتلها أو مرافقتها أو تزويجها، وآخر يزعم أنه رافق في مغارة نمراً فكان يطاعمه ويؤاكله فمن هؤلاء خاصة القتال الكلابي فإنه الذي يقول:
أيرسل مروان الأمير رسالة ... لآتيه إني إذاً لمضلل
وما بي عصيان ولا بعد منهل ... ولكنني من خوف مروان أوجل
وفي ساحة العنقاء أو في عماية ... أو الأود ما من رهبة الموت موئل
ولي صاحب في الغار هدك صاحباً ... هو الجون إلا أنه لا يعلل
إذا ما التقينا كان جل حديثنا ... صماتاً وطرف كالمعابل أكحل
تضنت الأروى لنا بطعامنا ... كلانا له منها نصيب ومأكل
فأغلبه في صنعة الزاد أنني ... أميط الأذى عنه ولا يتأمل
وكانت لنا طب بأرض مضلة ... شريعتنا لأي من جاء أول
كلانا عدو لو يرى في عدوه ... محزاً وكل في العداوة محمل
وأنشد الأصمعي:
ظللنا معاً جارين نحترس الثأي ... يشاربني من فضلتي وأشاربه
ذكر سبعاً ورجلاً قد توافقا كل واحد منهما يدع فضلاً من سؤره ليشرب صاحبه، والثأي الفساد، وخبر إن كل واحد منهما يحترس من صاحبه.
فأما من جميع ما ذكرناه عنهم فإنما يخبرون عنه من جهة المعاينة والتحقيق وغنما المثل في هذا مثل قوله:
قد كان شيطانك من خطابها ... وكان شيطاني من طلابها
حيناً فلما اعتركا ألوى بها