دعا جعلاً لا يهتدي لمقيله ... من اللؤم حتى يهتدي لوبار
فهذا الشاعر الأعرابي جعل أرض وبار مثلاً في الضلال، والأعراب يتحدثون عنها كما يتحدثون عما يجدونه بالدو والصان والدهناء ورمل يبرين وما أكثر ما يذكرون أرض وبار في الشعر عَلَى معنى هذا الشاعر (قالوا) فليس اليوم في تلك البلاد إلا الجن والإبل الحوشية والحوش من الإبل عندهم هي التي قد ضربت فيها فحول إبل الجن فالحوشية من نسل ابن الجن والعبدية والمهرية والعسجدية والعمانية قد ضربت فيها الحوش وقال رؤبة:
حوت رجال من بلاد الحوش
وقال ابن هرمة:
كأني عَلَى حوشية أو نعامة ... لها نسب في الطير وهو ظليم
وإنما سموا صاحبة يزيد بن الطثرية حوشية عَلَى هذا المعنى، وقال بعض أصحاب التفسير في قوله تعالى وإنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً إن جماعة من العرب كانوا إذ صاروا في تيه من الأرض وتوسطوا بلاد الحوش خافوا عبث الجنان والسعالي والغيلان والشياطين فيقوم أحدهم فيرفع صوته إنا عائذون بسيد هذا الوادي فلا يؤذيهم أحد وتصير لهم بذلك خفارة.
يوجد نقص فقرة مزاعمهم في الصرع وفقرة مزاعمهم في الطاعون
ما يزعمونه في تمثيلهم وتصويرهم
قال الجاحظ: تزعم العامة أن الله تعالى ملك الجن والشياطين والعمار والغيلان أن يتحولوا في أي صورة شاؤوا إلا الغول فإنها تتحول في جميع صورة المرأة ولباسها إلا رجليها فلا بد أن يكونا رجلي حمار.
وإنما قاسوا تصور الجن عَلَى تصور جبريل عليه السلام في صورة دحية ابن خليفة الكلبي_وعلى تصور الملائكة الذين أتوا مريم وإبراهيم ولوطاً وداود في صورة المؤمنين_وعلى ما جاء في الأثر من تصور إبليس في صورة سرافة بن مالك_وعلى تصوره في صورة الشيخ النجدي.
(قالوا) فإذا استقام أن تختلف صورهم وأخلاط أبدانهم وتتفق عقولهم ونياتهم واستطاعتهم جاز أيضاً أن يكون إبليس لعنة الله عليه والشيطان والغول أن يتبدلوا في الصور من غير